للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ - الرسول - صلى الله عليه وسلم - كامل القدرة.

يبن الشيخ أن مثل هذه العبارة تحتملاً حقاً وباطلاً، فقال: "إن أريد بكمال قدرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - الكمال النسبي بالنظر إلى بني جنسه من البشر فهو مسلم به، وإن أريد به الكمال المطلق فهو باطل، وغلو في الرسول - صلى الله عليه وسلم - وتشبيه للمخلوق بالخالق؛ لأن الكمال المطلق في القدرة ونحوها من اختصاص الله جل شأنه، أما الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقدرته محدودة مستمدة من الله وليست له من ذاته؛ ولذا تفاوتت قوة وضعفًا في صحته ومرضه، وأمره الله أن يقول للكفار حين طلبوا منه الآيات {إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ} العنكبوت: ٥٠، وأمره الله أن يقول لهم حينما استعجلوا العذاب: قال تعالى: {قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} الأنعام: ٥٨، إلى غير ذلك مما يدل على أنه عليه الصلاة والسلام ليس له الكمال المطلق قوة واقتدارًا وإنما ذلك إلى الله وحده، ومن ذلك الحديث الصحيح الذي فيه: إنه سقط عن فرسه وجحش شقه حتى صلى بالناس جالساً (١)، وحديث إصابته في غزوة أحد (٢)، وفي ذهابه للطائف قبل الهجرة للدعوة إلى التوحيد، فعن ابن عباس ن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (اشتد غضب الله على قوم أدموا وجه نبي الله - صلى الله عليه وسلم -) (٣)،

وفيه عن سهل بن سعد وهو يسأل عن جرح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: (أما والله إني لأعرف من كان يغسل جرح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن كان يسكب الماء وبما دووي، قال: كانت فاطمة عليها السلام بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تغسله وعلي يسكب الماء بالمجن، فلما رأت فاطمة أن الماء لا يزيد الدم إلا كثرة أخذت قطعة من حصير فأحرقتها وألصقتها فاستمسك الدم) (٤). وكسرت رباعيته يومئذٍ وجرح وجهه وكسرت البيضة على رأسه، فلو كان له - صلى الله عليه وسلم - كمال القدرة لما قدر أحد من أعدائه على إيذائه بجرح وجهه وكسر رباعيته وكسر البيضة على رأسه" (٥).


(١) ينظر: الحديث الذي أخرجه البخاري في كتاب الصلاة باب الصلاة في السطوح والمنبر الخشب برقم ٣٧٨).
(٢) أخرجه مسلم في كتاب الجهاد، باب غزوة أحد برقم (١٧٩١)، والبخاري تعليقاً في كتاب المغازي، باب {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} آل عمران: ١٢٨ (٣/ ١٢٤١).
(٣) أخرجه البخاري في كتاب المغازي باب ما أصاب النبي - صلى الله عليه وسلم - من الجرح يوم أحد، برقم (٤٠٧٤) ..
(٤) أخرجه البخاري في كتاب المغازي باب ما أصاب النبي - صلى الله عليه وسلم - من الجراح يوم أحد برقم (٤٠٧٥).
(٥) فتاوى اللجنة (١/ ٤٥٣ - ٤٥٥).

<<  <   >  >>