للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأنا رسول الله ما يفعل بي) فقلت: والله لا أزكي بعده أحدًا أبدًا) (١)، وفي رواية له: (ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل به)، وقد ثبت في أحاديث كثيرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أعلمه الله بعواقب بعض أصحابه فبشرهم بالجنة، وفي حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، أن جبريل سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الساعة، فقال: (ما المسؤول عنها بأعلم من السائل) (٢) ثم لم يزد على أن أخبره بأماراتها، فدل على أنه علم من الغيب ما أعلمه الله به دونما سواه من المغيبات، وأخبره به عند الحاجة. كما أن الله سبحانه أخبر نبيه - صلى الله عليه وسلم - أنه مغفور له في سورة الفتح.

وصح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (النبي في الجنة وأبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، وسعد بن مالك في الجنة - وهو ابن أبي وقاص - وسعيد بن زيد في الجنة، وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة) (٣) رضي الله عنهم جميعًا، وهذا كله من علم الغيب الذي أطلع الله نبيه عليه." (٤).

فلا نثبت من الحياة البرزخية إلا ما ورد به الدليل لأنها من الأمور الغيبية، فإن كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يعلم الغيب إلا ما أعلمه الله فغيره من البشر لا يعلمون من باب أولى.

والحياة البرزخية تختلف عن الحياة المعروفة في الدنيا، يقول الشيخ سليمان ابن سحمان - رحمه الله -: "ومن المعلوم أنه لم يكن - صلى الله عليه وسلم - حياً في قبره كالحياة الدنيوية المعهودة، التي تقوم فيها الروح بالبدن، وتدبره وتصرفه، ويحتاج معها إلى الطعام والشراب واللباس والنكاح،


(١) أخرجه البخاري في كتاب الشهادات باب القرعة في المشكلات برقم (٢٦٨٧).
(٢) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان باب سؤال جبريل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الإيمان ... برقم (٥٠)، ومسلم في كتاب الإيمان باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان ووجوب الإيمان بإثبات قدر الله سبحانه وتعالى برقم (٨).
(٣) أخرجه الإمام أحمد من حديث سعيد بن زيد (١/ ١٨٧، ١٨٨)، وأبو داود (٥/ ٣٧، ٣٨، ٣٩)، والترمذي (٥/ ٦٥١)، وابن ماجه (١/ ٤٩)، ولم يذكر أبا عبيدة، كما أخرجه الإمام أحمد من حديث عبد الرحمن بن عوف (١/ ١٩٣)، وذكر أبا عبيدة ولم يذكر الرسول - صلى الله عليه وسلم -، والحديث صححه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود برقم (٤٦٤٩)، وفي صحيح ابن ماجة برقم (١٣٣).
(٤) فتاوى اللجنة (١/ ١٢٢ - ١٢٨).

<<  <   >  >>