للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وغير ذلك، بل حياته - صلى الله عليه وسلم - حياة برزخية، وروحه في الرفيق الأعلى وكذلك أرواح الأنبياء، والأرواح متفاوتة في مستقرها في البرزخ أعظم تفاوت، فمنها أرواح في أعلى عليين في الملأ الأعلى، وهي أرواح الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم وهم متفاوتون في منازلهم كما رآهم النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة الإسراء، ونبينا في المنزلة العليا التي هي الوسيلة" (١).

قال الألباني معلقاً على حديث: (الأنبياء أحياء في قبورهم) (٢): "الذي يجب أن يتخذه المؤمن في هذا الصدد: الإيمان بما جاء في الحديث دون الزيادة عليه بالأقيسة والآراء كما يفعل أهل البدع الذين وصل الأمر ببعضهم إلى ادّعاء أن حياته - صلى الله عليه وسلم - في قبره حقيقية يأكل ويشرب ويجامع النساء، وإنما هي حياة برزخية لا يعلم حقيقتها إلا الله سبحانه وتعالى" (٣).

[٦ - هل سحر النبي - صلى الله عليه وسلم - وهل نفذ فيه السحر؟]

قال الشيخ - رحمه الله -: " الرسول - صلى الله عليه وسلم - من البشر، فيجوز أن يصيبه ما يصيب البشر من الأوجاع والأمراض وتعدي الخلق عليه وظلمهم إياه كسائر البشر إلى أمثال ذلك مما يتعلق ببعض أمور الدنيا التي لم يبعث لأجلها، ولا كانت الرسالة من أجلها، فغير بعيد أن يصاب بمرض أو اعتداء أحد عليه بسحر ونحوه يخيل إليه بسببه في أمر من أمور الدنيا ما لا حقيقة له، كأن يخيل إليه أنه وطئ زوجاته وهو لم يطأهن، أو أنه يقوى على وطئهن حتى إذا جاء إحداهن فتر ولم يقو على ذلك، لكن الإصابة أو المرض أو السحر لا يتجاوز ذلك إلى تلقي الوحي عن الله تعالى ولا إلى البلاغ عن ربه إلى العالمين؛ لقيام الأدلة من الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة على عصمته - صلى الله عليه وسلم - في تلقي الوحي وبلاغه وسائر ما يتعلق بشؤون الدين، والسحر نوع من الأمراض التي أصيب بها النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (سحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجل من بني زريق يقال له: لبيد بن الأعصم حتى كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخيل إليه أنه كان يفعل الشيء وما يفعله، حتى إذا كان ذات يوم أو ذات ليلة دعا


(١) الصواعق المرسلة الشهابية (ص ٨٢).
(٢) أخرجه أبو يعلى في مسنده (٦/ ١٤٧)، قال الألباني: إسناده جيد. السلسلة الصحيحة (٢/ ١٨٩).
(٣) السلسلة الصحيحة (٢/ ١٩١).

<<  <   >  >>