للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجل كل من مات منذ خلق الله عز وجل الحيوان إلى انقضاء الأمد المذكور، ورد أرواحهم التي كانت بأعيانها، وجمعهم في موقف واحد وحاسبهم عن جميع أعمالهم ووفاهم جزاءهم، ففريق من الجن والإنس في الجنة وفريق في السعير، وبهذا جاء القرآن والسنن" (١).

ثانياً: الشفاعة:

الشفاعة لغة: خلاف الوتر، وهي الوسيلة والطلب.

قال ابن فارس: (الشين والفاء والعين، أصل صحيح يدل على مقارنة الشيئين، والشفع خلاف الوتر .. وشَفَعَ فلانٌ لفلانٍ إذا جاء ثانِيه ملتمساً مطلبه ومُعِيناً له) (٢).

والشفاعة في الاصطلاح: التوسط للغير بجلب منفعة أو دفع مضرة (٣).

قال الشيخ - رحمه الله - معلقاً على قوله تعالى: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (٤٨)} المدثر: ٤٨: "لأن الله لم يرض عنهم لكفرهم فلا يقبل فيهم شفاعة، ولو تكلم شافع في شأن كافر ككلام إبراهيم الخليل مع ربه في شأن أبيه لم يقبل" (٤).

قال الشيخ - رحمه الله -: "شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - وشفاعة الصالحين يوم القيامة ثابتة في القرآن، وقد وردت فيها أحاديث صحيحة تفسر ما جاء في القرآن، ومنها قوله - صلى الله عليه وسلم -: (شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي) (٥)، والشفاعة أنواع.

قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن (٦) - رحمه الله -: "وذكر -يعني ابن القيم-: أن الشفاعة ستة أنواع:


(١) ينظر: الفصل لابن حزم (٤/ ٧٩).
(٢) معجم مقاييس اللغة (ص ٥٣١).
(٣) ينظر: النهاية لابن الأثير (٢/ ٣٩٩)، لوائح الأنوار (٢/ ٢٤٦).
(٤) تعليق على الجلالين (ص ٢٣٠).
(٥) أخرجه أحمد (٣/ ٢٣٠) برقم (١٢٨١٠)، وأبو داود في كتاب السنة باب في الشفاعة برقم (٤٧٣٩)، والترمذي كتاب صفة القيامة والرقائق والورع باب ما جاء في الشفاعة برقم (٢٤٣٥، ٢٤٣٦)، وابن حبان في الصحيح برقم (٢٥٩٦، موارد)، والحاكم في المستدرك (١/ ٩)، وحسنه الألباني في ظلال الجنة برقم (٨٣٠).
(٦) هو: العلامة المجدد الثاني، الشيخ أبو الحسن، عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب. ولد في الدرعية سنة ١١٩٣ هـ، من مؤلفاته، فتح المجيد، وقرة عيون الموحدين، ومُلخص منهاج السنة، وإرشاد طالب الهدى، توفي سنة ١٢٨٥ هـ.
ينظر: الأعلام (٣/ ٣٠٤)، علماء الدعوة (ص ٤٠)، مقدمة فتح المجيد طبعة رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء (٩ - ١٥).

<<  <   >  >>