للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الله تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (٦٢)} الزمر: ٦٢، وقال: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا (٢)} الفرقان: ٢.

وللإيمان بالقدر أهمية كبرى بين أركان الإيمان، يدركها كل من له إلمام ولو يسير بقضايا العقيدة الإسلامية وأركان الإيمان؛ ولذلك ورد التنصيص في السنة النبوية على وجوب الإيمان بالقدر خيره وشره.

"وترجع أهمية هذا الركن ومنزلته بين بقية أركان الإيمان إلى عدة أمور:

الأول: ارتباطه مباشرة بالإيمان بالله تعالى، وكونه مبنياً على المعرفة الصحيحة بذاته تعالى وأسمائه الحسنى، وصفاته الكاملة والواجبة له تعالى، وقد جاء في صفاته سبحانه صفة العلم، والإرادة، والقدرة، والخلق، ومعلوم أن القدر إنما يقوم على هذه الأسس، "وعلى هذا الأساس قامت عقيدة الإيمان بالقضاء والقدر، فكان الإيمان بهما متمماً للإيمان بالله تعالى، وبصفاته، وعنصراً من حقيقته المشرقة" (١).

ولا شك أن الإقرار بتوحيد الله وربوبيته لا يتم إلا بالإيمان بصفاته تعالى، فمن زعم أن هناك خالقاً غير الله تعالى فقد أشرك، والله تعالى خالق كل شيء، ومن ذلك أفعال العباد (٢).

ولهذا السبب -والله أعلم- لم يذكر ركن الإيمان بالقدر في كتاب الله تعالى مع بقية أركان الإيمان كما ورد في السنة، لأن الإيمان بالقدر هو إيمان بربوبيته وأسمائه وصفاته، ومراتب القدر الأربع هي صفات الله تعالى.

الثاني: حين ننظر إلى هذا الكون، ونشأته، وخلق الكائنات فيه، ومنها هذا الإنسان، نجد أن كل ذلك مرتبط بالإيمان بالقدر، فـ (أول ما خلق الله القلم قال له: اكتب، قال: رب وماذا أكتب؟ قال: اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة) (٣)، والإنسان يوجد على هذه الأرض، وينشأ تلك النشأة الخاصة، ويعيش ما شاء الله في حياة متغيرة، فيها الصحة


(١) مع الله في صفاته وأسمائه الحسنى لحسن أيوب (ص ١١٦).
(٢) ينظر: شرح العقيدة الطحاوية (ص ٣٠٤) تحقيق الألباني.
(٣) أخرجه لإمام أحمد في مسنده برقم (٢٢١٩٦)، والترمذي: كتاب القدر باب ما جاء في الرضا بالقضاء برقم (٢١٥٥)، (٤/ ٤٥٧)، من حديث عبادة بن الصامت، وأبو داود في كتاب السنة، باب القدر برقم (٤٧٠٠)، صححه الألباني في صحيح الترمذي برقم (٢١٥٥).

<<  <   >  >>