للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب الثاني

أفعال العباد.

قال الشيخ - رحمه الله -: " مذهب أهل السنة أن أفعال العباد الاختيارية مخلوقة لله مكسوبة للعبد، فخلقه إياها لا ينافي كسب العبد لها " (١).

ورد الشيخ على من قال في أفعال العبادة أنها كسب لهم على معنى تعلق قدرتهم بمباشرتهم التي هي أكسابهم، ووقوع هذه الأفعال أو بعضها على وجوه تخالف قصد مكتسبها يدل على موقع أوقعها كما أراد غير مكتسبها والله ربنا، خلقنا وخلق أفعالنا .. ، فقال: " وهذا إلى القول بالجبر أقرب منه إلى القول بإثبات الاختيار للعبد في أفعاله" (٢).

قال الشيخ - رحمه الله -: " لا يريد الله كوناً ولا شرعاً أن يظلم عباده لقوله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} النساء: ٤٠، ولقوله في الحديث: (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي) (٣) وإن كان يريد كوناً لا شرعاً أن يظلم بعض العباد بعضاً لوقوعه منهم، ولو لم يرده لم يقع" (٤).

أفعال العباد قسمان: اضطراريّة واختياريّة.

فالاضطراريّة: كحركات المرتعش ونبضات العروق ونحو ذلك، وهذه لا خلاف بين النّاس في كونها خارجة عن قدرة العبد.

والاختياريّة: ما سوى ذلك (٥) -وهي محلّ البحث هنا- وقد اختلف الناس فيها، وتعدّدت مذاهبهم تجاهها، وحاصل الكلام عليها ما يلي:

أفعال العباد الاختيارية لها متعلقان:


(١) الإحكام في أصول الأحكام (٢/ ٣٤).
(٢) مجموعة ملفات الشيخ (ص ١٧٨).
(٣) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم برقم (٢٥٧٧).
(٤) تعليق الشيخ على الجلالين (ص ١٢).
(٥) ينظر: مجموع الفتاوى (٨/ ٤٠٥).

<<  <   >  >>