للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سادساً: حجية قول الصحابي.

قال الشيخ - رحمه الله -: " لا فرق بين الصحابي والتابعي - في أن قول الصحابي حجة على قول التابعي-؛ فإن التفاوت بينهما في العلم والتقوى لا يوجب أن يكون قول الأعلم الأتقى حجة على من دونه، لأن الصحابي من أهل الاجتهاد، والخطأ ممكن عليه؛ فلا يجب على التابع المجتهد العمل بمذهبه كالصحابيين والتابعيين ... " (١).

وقال الشيخ - رحمه الله -: " لا شك أن الصحابة أهل للاجتهاد ولا يتهم مثلهم في التقصير، وقد خطأ بعضهم بعضاً فيما اختلفوا فيه؛ بل جوز كلٌ الخطأ على نفسه في اجتهاده" (٢).

وقال - رحمه الله -: " كان الصحابة أعرف بالله تعالى وأبعد نظراً وأدق فهماً في نصوص الشريعة ممن جاء بعدهم لصفاء أذهانهم ومكانهم من النبي - صلى الله عليه وسلم -، ونزول الوحي عليه، ولم يكن بينهم اختلاف في التوحيد، ولا مناظرات في مسائله لرجوعهم إلى الفطرة السليمة، والأدلة العقلية الصريحة، ونصوص الشريعة الصحيحة، وبعدهم عن موارد الشبه ومنازع الأهواء ... وإنما تكلموا في تفاصيل الفروع لوقوعها، وضرورة الناس إلى معرفة أحكامها، واختلفوا في مسائل منها؛ للإجمال في الأدلة، وللتفاوت في البلاغ والفهم، ونحو ذلك من الأسباب، واتفقوا في مسائل لم يوجد فيها المقتضي للخلاف" (٣).

يفصل المسألة شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -، فيقول: " من قال من العلماء قول الصحابي حجة فإن كان لم يخالفه غيره من الصحابة ولا عرف نص يخالفه ثم إذا اشتهر ولم ينكروه كان إقراراً على القول فقد يقال إجماع إقراري أنهم أقروه لم ينكره أحد منهم وهم لا يقرون على باطل.

وأما إذا لم يشتهر فهذا إن عرف أن غيره لم يخالفه فقد يقال هو حجة وأما إذا عرف أنه خالفه فليس بحجة بالاتفاق.


(١) تعليق الشيخ على الإحكام في أصول الأحكام (٤/ ١٨٣ - ١٨٥).
(٢) تعليق الشيخ على الإحكام في أصول الأحكام (٤/ ٢٢٨).
(٣) تعليق الشيخ على الإحكام في أصول الأحكام (٤/ ٢٧٦).

<<  <   >  >>