للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأولى الأقوال بالصواب تعريف الكبيرة بالحد، وحدها: بأنها كل ذنب ختمه الله بنار، أو غضب، أو لعنة، أو عذاب. وما قاربه في المعنى (١).

ثانياً: حكم مرتكب الكبيرة:

يبين الشيخ عبد الرزاق - رحمه الله - عقيدة أهل السنة والجماعة في مرتكب الكبيرة، فيقول: " عقيدة أهل السنة والجماعة أن من مات من المسلمين مصراً على كبيرة من كبائر الذنوب كالزنى والقذف والسرقة يكون تحت مشيئة الله سبحانه إن شاء الله غفر له وإن شاء عذبه على الكبيرة التي مات مصراً عليها، ومآله إلى الجنة؛ لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} النساء: ٤٨، وللأحاديث الصحيحة المتواترة الدالة على إخراج عصاة الموحدين من النار، ولحديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه -: كنا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: (أتبايعوني على ألا تشركوا بالله شيئاً ولا تزنوا ولا تسرقوا) وقرآ آية النساء (٢) - يعني الآية المذكورة، وأكثر لفظ سفيان قرأ الآية: (فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب في ذلك شيئاً فعوقب فهو كفارة له، ومن أصاب منها شيئاً من ذلك فستره الله فهو إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له) (٣) " (٤).

اختلف الناس في مرتكب الكبيرة من جهتين:

الأولى: اسمه.

والثانية: حكمه.


(١) وهذا القول هو المأثور عن أكثر السلف، واختاره جمع من المحققين من أهل العلم.
ينظر: مجموع الفتاوى (١١/ ٦٥٠)، مدارج السالكين (١/ ٣٢٧)، الكبائر للذهبي (ص ٢٢)، الآداب الشرعية لابن مفلح (١/ ٢٤٢)، شرح الطحاوية (٢/ ٥٢٥)، فتح الباري (١٢/ ١٨٨)، الذخائر (ص ١٢١).
(٢) قال ابن حجر في فتح الباري (٨/ ٦٤٠): أي: آية بيعة النساء، وهي: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا} الممتحنة: ١٢. اهـ.
(٣) أخرجه البخاري في كتاب مناقب الأنصار، باب وفود الأنصار إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة وبيعة العقبة، برقم (٣٨٩٢)، وقد رواه بغير هذا اللفظ من عدة طرق وأرقام الحديث (١٨، ٣٨٩٣، ٦٧٨٤، ٧٠٥٥)، ٧١٩٩، ٧٢١٣، ٧٤٦٨).
(٤) فتاوى اللجنة (١/ ٧٢٨ - ٧٢٩)، وينظر: (١/ ٧٢٦ - ٧٤٣).

<<  <   >  >>