للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معاملة الذمي:

قال الشيخ - رحمه الله -: " الطريقة المثلى في معاملة المسلمين للذمي: الوفاء له بذمته؛ للآيات والأحاديث التي أمرت بالوفاء بالعهد، وبره ومعاملته بالعدل، بقوله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٨)} الممتحنة: ٨، ولين القول معه، والإحسان إليه عموماً إلاَّ فيما منع منه الشرع، كبدئه بالسلام، وتزويجه المسلمة، وتوريثه من المسلم، ونحو ذلك مما ورد النص بمنعه" (١).

يعلم أن الولاء شيء والمعاملة شيء آخر والأصل في هذا قوله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٨)} الممتحنة: ٨، وقد اختلف أهل العلم في تفسيرها على أقوال عدة:

وأقربها ما رجحه ابن جرير: أن أولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: عني بذلك: لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين من جميع أصناف الملل والأديان أن تبروهم وتصلوهم وتقسطوا إليهم. لأن الله - عز وجل - عم بقوله: {الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ} الممتحنة: ٨، جميع من كان ذلك صفته، فلم يخصص به بعضاً دون بعض (٢).

والإسلام بفعله هذا - حتى في حالة الخصومة- يستبقي أسباب الود في النفوس بنظافة السلوك، وعدالة المعاملة انتظاراً لليوم الذي يقتنع فيه خصومه بأن الخير في أن ينضووا تحت لوائه الرفيع (٣).

قال فضيلة الشيخ عبد العزيز الراجحي حفظه الله: " الكافر الذِّمِّيّ الذي له عهد، بيننا وبينه عهد أو صلح، أو دخل إلى البلاد بذمة أو عهد وما أشبه ذلك، فهؤلاء لا يجوز


(١) فتاوى اللجنة (٢/ ٩٤).
(٢) تفسير الطبري (٢٨/ ٦٦).
(٣) ينظر: في ظلال القرآن (٦/ ٣٥٤٤).

<<  <   >  >>