للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويرد الشيخ - رحمه الله - على هذه الطريقة، فيقول: " وهذا غير صحيح؛ فإن نصوص الشرع كما جاءت بالخبر الصادق في القضايا العقلية وغيرها جاءت بتقرير الحق في ذلك بأوضح حجة وأقوى برهان لكنها لم تجيء على أسلوب الصناعة المنطقية المتكلفة بل على أسلوب من نزل القرآن بلغتهم بأفصح عبارة وأعلى بيان وأقرب طريق إلى الفهم وأيسره لأخذ الأحكام، ومن تتبع أدلة القرآن في إثبات التوحيد والرسالة والبعث وغير ذلك من أصول التشريع واستقرأ السنة في ذلك تبين له خطأ أولئك الذين وصموا ربهم وكتابه ونبيه وسنته بما لا يصدر إلا من عدو للمسلمين يريد الكيد لهم في أصول دينهم ومصادر تشريعهم ليردهم بذلك إلى ما يزعمه أصولاً عقلية وغالبها شكوك ومحارات، وإن كان فيها شيء من الأدلة الحقة؛ فقد جاء به الشرع، فاللهم أغننا بكتابك وسنة نبيك عن موارد الوهم ومزالق الضلال" (١) (٢).اللهم آمين.

وبين الشيخ - رحمه الله - في معرض الرد على من رد السنة لمخالفتها للعقل، فقال: " فيجب على الإنسان أن يتهم عقله وتفكيره بدلاً من أن يتهم رسوله، أو الرواة العدول، أو أن يتهم ربه في وحيه، وليثق بربه وبرسوله - صلى الله عليه وسلم - أكثر من ثقته في تفكيره، فإن العقل قاصر، وجُرب عليه الخطأ كثيراً، ومداه محدود، وما يجهله أكثر مما يعلمه.

فعليه أن يعتقد في تفكيره القصور، وأن يعتقد في وحي الله الكمال والصدق، وأن يعتقد في الرواة الذين استوفوا شروط النقل المضبوطة المعروفة عند المحدثين الثقة بهم أكثر من ثقته بتفكيره" (٣).

قال ابن القيم - رحمه الله -: " الواقع حقيقة أنه ما اتهم أحد دليلا للدين إلا وكان المتهم هو الفاسد الذهن المأفون في عقله وذهنه فالآفة من الذهن العليل لا في نفس الدليل وإذا رأيت من أدلة الدين ما يشكل عليك وينبو فهمك عنه فاعلم أنه لعظمته وشرفه استعصى عليك وأن تحته كنزا من كنوز العلم ولم تؤت مفتاحه بعد هذا في حق نفسك؛ وأما بالنسبة إلى


(١) تعليق الشيخ على الإحكام (١/ ٣٧٠).
(٢) ينظر: درء التعارض (٨/ ٤٨)، الصواعق المرسلة (٣/ ١١٣٦).
(٣) شبهات حول السنة (ص ١٩)، ينظر: المرجع السابق (ص ٥٨).

<<  <   >  >>