للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب الثاني

قول بعض الفرق في القدر.

موضوع "القضاء والقدر" من الموضوعات الكبرى التي خاض فيها الناس، مؤمنهم وكافرهم، على مر العصور والأزمان، وقد تكلم فيها الجميع، وشغلت أذهان الفلاسفة والمتكلمين وأتباع الطوائف من أهل الملل من غيرهم.

والسبب في ذلك واضح وهو ارتباط القدر بحياة الناس وأحوالهم اليومية وما فيها من أحداث وتقلبات.

والأقوال في القدر -بإجمال- لم تتغير قبل الإسلام أو بعده، فهي ترجع دائماً إلى ثلاثة أقوال:

١ - قول أهل الجبر، الذين يقولون: إن الإنسان مجبور على أفعاله وليس له إرادة ولا قدرة، ويمثل هذا في الفرق الإسلامية مذهب الجهمية ومن وافقهم، وهو ما يسمى في العصور المتأخرة بالمذهب الحتمي.

٢ - ويقابلهم قول أهل حرية الإرادة، واستقلال الإنسان في أفعاله عن خالقه، وأن الإنسان له إرادة مستقلة عن إرادة الله، كما أنه هو الذي يخلق أفعاله، ويمثل هذا المذهب المعتزلة (القدرية)، ومن وافقهم.

٣ - وهناك قول وسط بين هؤلاء وهؤلاء، يثبتون القدر وأن الله خالق كل شيء، ويقولون أيضاً: إن للإنسان إرادة ومشيئة ولكنها خاضعة لمشيئة الله، كما أن له قدرة يفعل بها فعله، لكنه هو وأفعاله مخلوق لله تعالى. وهذا مذهب السلف وأتباع الأنبياء.

وبين هذه الطوائف - الثلاث- قد تنشأ فرق أخرى، تميل في بعض المسائل إلى طائفة، وفي المسائل الأخرى إلى طائفة ثانية، ويكون الحكم عليها حسب ما يغلب على مذهبها (١).

ونعرض لبعضهم فيما يلي:-


(١) ينظر: موقف ابن تيمية من الأشاعرة (٣/ ١٣٠٨).

<<  <   >  >>