للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإنما قلنا: قد سقطت من آخر قولك «تعال يا فلان» في الأمر ألف منقلبة من واو لأنه من العلو والارتفاع، وأصله فيما يذكر أهل اللغة: أن رجلاً كان في أعلى جبل أو رابية وآخر تحته في الحضيض فصاح به: «تعال يا فلان» أي أعل وارتفع إلي. هذا أصله ثم كثر واستعمل في كل من أراد أن يصيح بآخر ليقبل إليه عاليًا كان أو غير عال.

وقولك للجماعة: «تعالوا يا رجال» كان أصله «تعاليوا» تنقلب الياء ألفًا لتحركها وانفتاح اللام قبلها ثم تحذف لسكونها وسكون واو الجمع بعدها فيبقى ما قبلها مفتوحًا على حاله، ولا يجوز ضمه.

وتقول للمرأة: «تعالي يا مرأة بإثبات الياء، وهذه ياء التأنيث التي تكون في مثل قولك: «أقببلي يا هند، واضربي»، وما أشبه ذلك وقد سقطت لام الفعل.

وتقول للمرأتين كما تقول للرجلين «تعاليا» وللجمع «يا نساء تعالين» كما قال عز وجل: {فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحًا جميلا}. فهذه الياء التي في قولك «تعالين» ليست بياء التأنيث التي كانت في «تعالي» للواحدة لأن تلك لا تثبت مع النون التي هي إضمار جميع المؤنث في قولك: «تعالين» وإنما هذه الياء لام الفعل وكانت واوًا كما ذكرت لك في الأصل، ولكن الواو لا تصح رابعة فما فوق ذلك ولكن تقلب ياء كما قيل: تغازينا، وتغازيا، وتغازين، وتعاطين، وما أشبه ذلك. وكما قيل: مغزيان، وملهبان. وكل ذلك من الواو فقلبت ياء كما ترى، كذلك قلبت في «تعالين».

وشبيه بهذا في الأمر قولك للرجل إذا أردت أن يناولك شيئًا «هات يا رجل» وللأثنين «هاتيا» وللجماعة «هاتوا يا رجال»، فأما قول العامة «هاتم» فخطأ ليس من كلام العرب. قال الله عز وجل: {قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين} وقال الكيمت:

فيا ساسة هاتوا لنا من جوابكم ... ففيكم لعمري ذو أفانين مقول

<<  <   >  >>