للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعالى. وكذلك إذا قلت: «جاءني الذي أكرمك»، و «قصدت الذي أبوه زيد» وما أشبه ذلك فقد نابت الذي عن منعوت مقدر قبلها على ذلك وقعت في كلامهم، وإن ذكرته قبلها لفظًا جاز أيضًا. وأما كونها أخبارًا فقولك: «زيد عاقل» فقد خبرت عنه بالعقل ولم تنعته به، والفرق بين النعت والخبر أن النعت يجيء موضحًا للمنعوت بما قد استقر عند المخاطب أنه فيه ولا يكتفي به دون الخبر، وتكون فائدة الخبر بعد ذكر النعت متوقعة، وبها يستغني الكلام ألا ترى أنك إذا قلت: «جاءني زيد الكاتب» فإنما تنعته بالكاتب عند من قد عرفه بذلك لتخرجه بذلك عن الإشاعة. وإذا قلت: «زيد كاتب» فإنما تخبر بهذا من لم يعلم أن زيدًا كاتب لتفيده ذلك، فهذا فرق بين النعت والخبر وأبين من هذا أنك إذا قلت: «زيد الكاتب» لمن قد عرفه بذلك وجعلت الكاتب نعتًا لزيد فالكلام ناقص بعد لم يفده شيئًا، فسبيلك أن تقول: «زيد الكاتب» لتفيده ما لم يكن عنده وإن جعلت الكاتب خبرًا لا نعتًا تم الكلام به. ومثل ذلك: «أن زيدًا الكاتب منطلق» إذا جعلت «الكاتب» نعتًا نصبته كما ترى، وجعلت «المنطلق» خبرًا، وإن جعلت «الكاتب» خبرًا استغنيت عن «المنطلق» فقلت: «إن زيدًا الكاتب» فجعلته خبرًا ورفعته ولذلك قال بعضهم وقد سمع مؤذنًا يقول: «أشهد أن محمدًا رسول الله» بالنصب فقال له: ويحك فعل ماذا؟ لأنه لم يأت بالخبر. وكذلك مجرى هذه الأسماء في باب كان والظن في كونها نعوتًا في حال وأخبارًا في حال.

قال سيبويه: إذا كان الاسم لا يعرف إلا بنعته فهو والنعت بمنزلة اسم واحد معروف. قال الفراء: إذا كان الاسم مستغنيًا عن النعت فالنعت تكرير ولا ضمير فيه. وإذا كان غير مستغن ففيه ضميره. وأما كونها أحوالاً فقولك: «جاءني زيد اركبًا»، و «انطلق عبد الله مسرعًا»، والبدل قولك: «زيد ذاهب مسرع» تجعل «مسرعًا» بدلاً من «ذاهب»، وإن جعلته حالاً فنصبته جاز. وأما كونها أسماء محضة فقولك: «رأيت راكبًا» و «مررت بقائم» و «جاءني راكب» وما أشبه ذلك. ولها أحكام

<<  <   >  >>