للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّار} (١)

فالإمام هنا معناه واحد وهو القدوة في الخير أو الشر.

وقد أتى لفظ (الإمام) بمعنى (الكتاب) بعدة أيات أُخر كما في قوله تعالى {وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إَمَاماً وَرَحْمَةً} (٢) وقوله {يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ} (٣) وقرينته الصارفة لمعنى اللفظ هنا إلى الكتاب هو تتمة الآية نفسها التي تقول {فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَئِكَ يَقْرَؤُونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً}، وقد جاء في أول السورة {وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً. اقْرَا كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً} (٤) وهو بالضبط كقوله تعالى {وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ. هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} (٥).

أما المعنى الثالث للإمام فهو بمعنى (الطريق) كما في قوله تعالى {وَإِن كَانَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ. فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ} (٦) أي إنّ آثار قرى قوم شعيب وقرى قوم لوط المذكورتين قبلهم لبطريق واضح، يأتمون به في سفرهم، ويهتدون به إلى غايتهم) (٧).

فهذه ثلاثة معانِ للإمام في القرآن لا رابع لها فيه.


(١) سورة القصص آية ٤١
(٢) سورة هود آية ١٧
(٣) سورة الإسراء آية ٧١
(٤) سورة الإسراء آية ١٣
(٥) سورة الجاثية آية ٢٨
(٦) سورة الحجر آية ٧٩
(٧) المنهج القرآني الفاصل بين أصول الحق وأصول الباطل ص٢١٤ - ٢٢١ بتصرف.

<<  <   >  >>