للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأنّ حديث (كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يُهوِّدانِهِ أو يُنصِّرانِهِ أو يُمَجِّسانِهِ ...) (١) ينطبق أحياناً على قناعاتنا المذهبية؟

الدين والمذهب بالنسبة لكثير من المسلمين اليوم كأثاث المنزل أو كالأموال والأراضي .. ورثوه عن آبائهم وأجدادهم .. وهم على خطاهم سائرون .. هذا إن لم يكن الدين في حياتهم أقل من الدينار والدرهم ومتاع الدنيا الزائل.

بالأمس كانت الأمم السابقة المكذّبة للرسل تجابه الحق الذي جاءت به الرسل قائلة {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ} (٢)

فكان جواب الرسول {قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُم بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءكُمْ} فكان رد هؤلاء المتعصبين لباطلهم، الجاهلين لحقيقة أمرهم هو {إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ}!

المشهد يتكرر، لكن ليس بين رسل الله وبين قوم كفار وثنيين، وإنما بين كلمة حق وبين متعصبين ألفوا ما وجدوا عليه آباءهم، فردّوا الحق وتشبثوا بالباطل.

وللأمير الصنعاني رحمه الله كلمات جميلة في هذا المعنى يقول فيها: (ولنقدم قبل المقصود أصلاً مهماً وهو أنّ الله تبارك وتعالى قد أخبر عن الكفار بأنّ نظرهم مقصور على اتباع الآباء في كتابه العزيز في غير آية عايباً عليهم ذلك، مثل: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ} (٣)، {قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا


(١) رواه البخاري في صحيحه - كتاب الجنائز - باب (ما قيل في أولاد المشركين) - حديث رقم (١٣٨٥) وذكره ابن بابويه القمي في كتابه (علل الشرائع ٢/ ٣٧٦ باب (العلة التي من أجلها سقطت الجزية عن النساء والمقعد والأعمى والشيخ الفاني والولدان ورفعت عنهم) - رواية رقم (٢).
(٢) سورة الزخرف آية ٢٣
(٣) سورة البقرة آية ١٧٠

<<  <   >  >>