للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا يتصور فيه أن تقام على يديه دعوة أو نصرة دين، وإنما يُتصور ذلك في الكبار بقدر ما لديهم من العطاء والصمود.

ولهذا جاء في حديث عمرو بن عبسة السلمي رضي الله عنه وهو يحكي قصة إسلامه ما يدل على هذا المعنى حيث يقول: (كنت وأنا في الجاهلية أظن أنّ الناس على ضلالة وأنهم ليسوا على شيء وهم يعبدون الأوثان، فسمعت برجل بمكة يخبر أخباراً فقعدت على راحلتي فقدمت عليه، فإذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مستخفياً جُرآءُ (١) عليه قومه، فتلطّفت حتى دخلت عليه بمكة، فقلت له: ما أنت (٢)؟ قال: أنا نبي فقلت: وما نبي؟ قال: أرسلني الله، فقلت: وبأيّ شيء أرسلك؟ قال: أرسلني بصلة الأرحام وكسر الأوثان وأن يُوحّد الله لا يُشرك به شيء، قلت له: فمن معك على هذا؟ قال: حر وعبد قال: -ومعه يومئذ أبو بكرٍ وبلالٌ ممن آمن به-، فقلت: إنّي مُتّبِعُكَ، قال: إنك لا تستطيع ذلك يومك هذا، ألا ترى حالي وحال الناس؟ ولكن ارجع إلى أهلك فإذا سمعت بي قد ظهرت فأتِني ...) (٣) وفي مسند أحمد (قلت: آلله أرسلك، قال: نعم، قلت: بأي شيء أرسلك؟ قال: بأن يُوحّد الله ولا يُشرك به شيء، وكسر الأوثان وصلة الرحم، فقلت له: من معك على هذا، قال: حر وعبد أو عبد


(١) جمع جريء كبرئ وبرآء من الجراءة، وهي: الإقدام والتسلط.
(٢) ولم يقل: من أنت، لأنه سأله عن صفته لا عن ذاته، والصفات مما لا يُعقل.
(٣) صحيح مسلم –كتاب فضائل القرآن وما يتعلق به - باب إسلام عمرو بن عبسة – حديث رقم (٨٣٢).

<<  <   >  >>