للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الظَّالِمِين} (١) حيث دعا إبراهيم ربه لتكون الإمامة في عقبه وذريته، وقد قبل الله تعالى ذلك وبيّن له اختصاصها بغير الظالمين منهم، وقد صرّح القرآن بانقسام ذريته إلى محسن وظالم في قوله تعالى {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيّاً مِّنَ الصَّالِحِينَ وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِين} (٢) بل إنّ الله تعالى قد صرّح بأنّ الأمر باقٍ في عقبه بقوله {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِه} (٣) (٤).

فلاحظ هذا النسيج المترابط بين دعوة إبراهيم عليه السلام ربه عز وجل أن تكون الإمامة في ذريته وإجابة الله تعالى له بأنه لن ينالها الظالمون من ذريته وإنما سينالهم المستحقون لها ثم إشارة الله تعالى إلى مباركته على إبراهيم عليه السلام واصطفاه جملة من ذريته بالنبوة والكتاب.

ولاحظ هذا التجانس العجيب بين قوله تعالى عن إبراهيم عليه السلام {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي} وبين قوله عن ذريته {وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَاب} فالجعل في الآيتين واحد والإجابة على طلب إبراهيم عليه السلام في جعل الإمامة في ذريته كان بالنبوة!

قال الإمام ابن كثير في تفسير قوله تعالى {وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَاب}: (فكل نبي أرسله الله وكل كتاب أنزله الله بعد إبراهيم ففي ذريته صلوات الله وسلامه عليه) (٥).


(١) سورة البقرة آية ١٢٤
(٢) سورة الصافات آية ١١٢ - ١١٣
(٣) سورة الزخرف آية ٢٨
(٤) الإمامة في جذورها القرآنية ص٥٠ - ٥١
(٥) تفسير القرآن العظيم ١/ ٢٢٧

<<  <   >  >>