للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فسلّم على صاحب المكتبة وطلب منه المجلد الأول من تفسير "الصافي" ثم خرجنا من المكتبة ووقفنا بجانبها، فأريته الموضع وجلس طويلاً يعيد قراءته وهو لا يكاد يصدّق (١).

فقلت له: عزيزي، لست أقصد من وراء إرشادك لهذا الموضع أن أستعرض عضلاتي أو أن أشكك في عقيدتك، قصدي واضح لا غبار عليه، أريدك أن تنتصر للإسلام من كل من يطعن فيه وينتقصه كائناً من كان، سنياً كان أو شيعياً، لا تقرأ وتزن الأمور بعيني شيعي يريد الانتصار للمذهب بحق أو بباطل وإنما ردّ الأمر إلى كتاب الله وسنة رسوله واجعلهما الحاكمين. فاكتفى بقوله: سأسأل عنه أبي وأخبرك.

بعد يوم من هذا اللقاء أخبرني بأنه ذهب لأبيه وذكر له أني أرشدته إلى موضع في تفسير الصافي يدّعي فيه الكاشاني أنّ قرآن المسلمين الذي بين أيدينا اليوم محرّف!


(١) خصص الكاشاني في تفسيره "الصافي" المقدمة السادسة من مقدماته لإثبات تحريف القرآن، وعنون لهذه المقدمة بقوله (المقدمة السادسة في نبذ مما جاء في جمع القرآن، وتحريفه وزيادته ونقصه، وتأويل ذلك).
وبعد أن ذكر الروايات التي استدل بها على تحريف القرآن، والتي نقلها من أوثق المصادر الشيعية المعتمدة خرج بنتيجة عبّر عنها بقوله: (والمستفاد من هذه الأخبار وغيرها من الروايات من طريق أهل البيت عليهم السلام أنّ القرآن الذي بين أظهرنا ليس بتمامه كما أنزل على محمد صلى الله عليه وآله وسلم بل منه ما هو خلاف ما أنزل الله، ومنه ما هو مغير محرف، وأنه قد حذف منه أشياء كثيرة منها اسم علي (ع) في كثير من المواضع، ومنها لفظة آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم غير مرة، ومنها أسماء المنافقين في مواضعها ومنها غير ذلك، وأنه ليس أيضا على الترتيب المرضي عند الله، وعند رسول صلى الله عليه وآله وسلم)، ثم ذكر بعد هذا أن القول بالتحريف اعتقاد كبار مشايخ الإمامية قال: (وأما اعتقاد مشايخنا رضي الله عنهم في ذلك فالظاهر من ثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني طاب ثراه أنه كان يعتقد التحريف والنقصان في القرآن، لأنه كان روى روايات في هذا المعنى في كتابه الكافي، ولم يتعرض لقدح فيها، مع أنه ذكر في أول الكتاب أنه كان يثق بما رواه فيه، وكذلك أستاذه علي بن إبراهيم القمي فإن تفسيره مملوء منه، وله غلو فيه، وكذلك الشيخ أحمد بن أبي طالب الطبرسي فإنه أيضا نسج على منوالهما في كتاب الإحتجاج).

<<  <   >  >>