للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذا ذُكر الله هملت أعينهم حتى تبل جيوبهم، ومادوا كما يميد الشجر يوم الريح العاصف خوفاً من العقاب ورجاء الثواب) (١).

وهو يتحسر على فراقهم ويرثيهم بعد موتهم كحال أي محب فارق من يحبه فيقول: (أين القوم الذين دُعوا إلى الإسلام فقبلوه، وقرأوا القرآن فأحكموه وسلبوا السيوف أغمادها وأخذوا بأطراف الأرض أطرافها زحفاً زحفاً وصفاً صفاً، مُره العيون من البكاء، خُمص البطون من الصيام، ذُبل الشفاه من الدعاء، صُفر الألوان من السهر، على وجوههم غبرة الخاشعين، أولئك إخواني الذاهبون، فحق لنا أن نظمأ إليهم، ونعضّ الأيدي على فراقهم) (٢).

[نهج البلاغة والثناء العطر على عمر بن الخطاب!]

قد يبدو غريباً أن يحتوي نهج البلاغة على مدح عمر بن الخطاب لكنها الحقيقة التي لم يستطع إغفالها حتى الشيخ الرضي مؤلف كتاب "نهج البلاغة" رغم انتسابه إلى الشيعة الإثني عشرية.

وهنا حُق للعاقل أن يتأمل هذه المسألة جيداً وأن يُذعن للحقيقة كي لا يكون ممن قال الله تعالى فيهم {وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا}؟ (٣)

هذا علي بن أبي طالب يخاطب عمر بن الخطاب بعد أن استشاره في غزو الروم فيقول: (إنك متى سرت إلى هذا العدو بنفسك، فتلقهم فتنكب، لا تكن للمسلمين كانفة (٤) دون


(١) نهج البلاغة ص١٨٩ - خطبة رقم (٩٧).
(٢) نهج البلاغة ص٢٣٤ - خطبة (١٢١).
(٣) سورة الأحزاب آية ٦٧
(٤) عاصمة يلجؤون إليها، من كنفه أي صانه وستره، وفي هذا إقرار بشرعية خلافة عمر، فتأمل.

<<  <   >  >>