للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[لا بد من التمييز بين الصحبة اللغوية والصحبة الشرعية]

لقد استغل أعداء أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم خلط كثير من الناس بين مفهوم الصحبة والصاحب في اللغة وبين إطلاقه الشرعي، بحيث أظهر الطاعن في الصحابة نفسه بمظهر الناصح الأمين المشفق على دين الله تعالى كما قال الله تعالى حاكياً عن الشيطان وهو يحاول جاهداً إقناع آدم عليه السلام بالأكل من الشجرة بحجة أنه ناصح أمين له {وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِين} (١)، مسوح الضأن على قلوب الثعالب!

ولهذا وجب على المتصدّي لهذه الحملة الشرسة على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يقف عند هذه المسألة لتحرير القول فيها قبل الخوض فيما يليها.

ولهذا أقول وبالله التوفيق: إنّ الصحبة في اللغة واسعة النطاق، تشمل الصحبة الحقيقية من ملازمة ومصاحبة وتشمل كذلك الصحبة المجازية التي قد تُطلق مثلاً على من تمذهب بمذهب معين كقول القائل (أصحاب الشافعي، أصحاب أحمد ...) وكقول المجتهدين من العلماء عن نظرائهم من علماء المذهب ذاته الذين سبقوهم بقرون (قال أصحابنا)، وقد تُطلق ويُراد بها المعية فيقال (فلان بصحبة فلان) أي بمعيته.

وقد تُستخدم في الإضافة كأن يُقال (صاحب مال، صاحب علم ...)، وقد تُطلق ويُراد بها القائم على الشيء كنحو قول الله عز وجل {وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً} (٢) أي وما جعلنا القائمين على النار إلا ملائكة.


(١) سورة الأعراف آية ٢١
(٢) سورة المدثر آية ٣١

<<  <   >  >>