للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إنّ تربية الإسلام علمتنا أنّ المسلم طيب السريرة والقلب كما هو طيب اللسان والتعامل وأنه أبعد ما يكون عن جمع الزلات وتتبع العثرات لأنّ خُلقه الإسلامي يترفع به عن هذا المستوى.

فالرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم هو القائل (إنّ المؤمن ليس باللعان والطعّان ولا الفاحش ولا البذيء) (١).

وما أجمل ما قاله العالم الرباني "تقي الدين ابن تيمية" ناصحاً تلميذه "ابن القيم": (لا تجعل قلبك للإيرادات والشبهات مثل الإسفنجة فيتشربها فلا ينضح إلا بها، ولكن اجعله كالزجاجة المصمتة تمر الشبهات بظاهرها ولا تستقر فيها، فيراها بصفائه ويدفعها بصلابته وإلا فإذا أشربت قلبك كل شبهة تمر عليه صار ممراً للشبهات) (٢).

وقد انتفع التلميذ النجيب بهذه الوصية أيما انتفاع فقال: (إنّ من قواعد الشرع والحكمة أنّ من كثرت حسناته وعظمت وكان له في الإسلام تأثير ظاهر فإنه يُحتمل له ما لا يحتمل لغيره ويُعفى عنه ما لا يُعفى عند غيره، فإنّ المعصية خبث والماء إذا بلغ القلتين لم يحمل الخبث بخلاف الماء القليل فإنه يحمل أدنى خبث) (٣).

لكن حينما يتشرب القلب هذه الشبهات ولا ينطق إلا بها، ضارباً بجميل الصحابة عليه عرض الحائط، ناكراً لجهادهم ودعوتهم وللآيات القرآنية المزكّية لهم، فإنّ مكيال الدنيا قبل الآخرة كفيل بأن يُظهر له من الحق والحجة الباهرة ما لم يخطر على قلبه.


(١) رواه أحمد في المسند - حديث رقم (٣٩٤٨)، قال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح
(٢) مفتاح دار السعادة ١/ ١٧٦
(٣) المصدر نفسه

<<  <   >  >>