للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جارية على وفق القضاء والقدر، وكل ميسر لما خلق له، أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة، ومن زعم أن أحدًا من بني آدم يؤمن أو يكفر باختياره ورغبته ولم يسبق بذلك القضاء والقدر ولم يكتب في اللوح المحفوظ ولم يكتبه الملك الموكل بالجنين وهو في بطن أمه فهو من القدرية الذين سماهم النبي صلى الله عليه وسلم مجوس هذه الأمة وهم الذين يزعمون أن الأمر أنف أي مستأنف لم يسبق به القضاء والقدر، وقد تبرأ ابن عمر وغيره من الصحابة رضي الله عنهم من القدرية وصرح الشافعي وأحمد وغيرهما من الأئمة بتكفير غلاتهم وهم الذين ينكرون العلم والكتاب، وقد تقدم بيان ذلك في عدة مواضع من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، ومن سلك سبيل القدرية فهو ملحق بهم في كل ما ذكرنا، فليحذر المؤمن الناصح لنفسه من موافقتهم لئلا ينسلخ من دينه وهو لا يشعر.

وقد روى الترمذي وابن ماجة والحاكم في مستدركه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل بني آدم خطَّاء وخير الخطائين التوابون» قال الترمذي: هذا حديث غريب وصححه الحاكم وقال الذهبي في تلخيصه: صحيح على لين.

وهذا آخر ما تيسر إيراده في الرد على رسالة ابن محمود التي سماها (الإيمان بالقضاء والقدر على طريقة أهل السنة والأثر).

وليعلم أن الكلام في القدر مزلة أقدام ومضلة أفهام لا يسلم فيه إلا من تمسك بنصوص الكتاب والسنة وما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعون لهم

<<  <   >  >>