للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما قول ابن محمود في بيان معنى حقيقة القضاء والقدر أنه خلق الأشياء بنظام وإتقان ثابت لا يتغير بتغير الزمان كل شيء بحسبه، وأن هذا معنى ما في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله كتب مقادير الخلائق قبل أن بخلق السموات والأرض».

ففيه خطأ من وجهين أحدهما في نسبته الحديث إلى الصحيحين وإنما هو من أفراد مسلم ولم يخرجه البخاري.

والثاني زعمه أن خلق الأشياء بنظام وإتقان ثابت هو معنى كتابة المقادير، وهذا يقتضي أن تكون كتابة المقادير وخلق الأشياء شيئا واحدا، ولا يخفي ما في هذا القول من إلغاء نص الحديث على أن الله كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وفي هذا النص الصريح أبلغ رد على ما زعمه ابن محمود في بيان معنى حقيقة القضاء والقدر أنه خلق الأشياء بنظام وإتقان ثابت.

وأما قوله: إن هذه الكتابة عبارة عن العلم القائم بذات الله، فهو خطأ ظاهر وسيأتي بيان ذلك في التنبيه الثالث إن شاء الله تعالى.

التنبيه الثاني: قال ابن محمود في صفحة ١٢ ما نصه:

ومنه قوله: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} أي بتقدير ونظام متقن، كل شيء بحسبه فلم يخلق شيئا بطريق الصدفة ولا الطبيعة، قال ابن جرير في التفسير: إنا كل شيء خلقناه بمقدار قدرناه وقضيناه، وبعض المفسرين يغلطون في تفسير هذه الآية حيث يحملون تفسيرها على القضاء والقدر ثم يتوسعون في سياق الآثار الواردة في القضاء والقدر كأن الآية سيقت لذلك وهو خطأ فانه لا تعلق للآية بالقضاء والقدر الذي يعنونه.

<<  <   >  >>