للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومَعَ ذَلِكَ فَلَمْ يُحَارِبُوْهُ، ولا دَعَوْهُ وأصْحَابَهُ إلى أن يُبَايِعَ مُعَاوِيَةَ ولا قَالُوا: أنْتَ، وإنْ كُنْتَ أفْضَلَ مِنْ مُعَاوِيَةَ، لَكِنْ مُعَاوِيَةُ أحَقَّ بالإمَامَةِ مِنْكَ، فعَلَيْكَ أنْ تَتَّبِعَهُ؛ وإلاَّ قاتَلْنَاكَ!» (١).

* * *

فعَلى هَذَا؛ كَانَ الَّذِي حَمَلَ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم عَلَى التَّشَاجُرِ والتَّناحُرِ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ عِنْدَ سَلَفِ هَذِه الأمَّةِ؛ هُوَ المُطَالَبَةُ الفَوْرِيَّةُ، ووُجُوْبُ المُسَارَعَةِ بأخْذِ القَوْدِ والقَصَاصِ مِنْ قَتَلَةِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ؛ لاسِيَّمَا الَّذِيْنَ تَوَلَّوْا كِبْرَ الفِتْنَةِ مِنَ الثُّوَّارِ المُعْتَدِيْنَ، حَيْثُ نَرَى طَائِفَةً مِنْ أصْحَابِ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - أمْثَالَ: أمِّ المُؤْمِنِيْنَ عَائِشَةَ، وطَلْحَةَ، والزُّبَيْرِ، ومُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم أجْمَعِيْنَ كَانُوا يَرَوْنَ أنَّه لابُدَّ مِنَ المُطَالَبَةِ بِدَمِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، ووُجُوْبِ الإسْرَاعِ بإقَامَةِ حَدِّ اللهِ عَلَيْهِم كَمَا أمَرَ اللهُ تَعَالى بِذَلِكَ في كِتَابِهِ وسُنَّةِ نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم -.

في حِيْنَ كَانَ يَرَى الخَلِيْفَةُ الرَّاشِدُ عَليٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إرْجَاءَ وتَأخِيْرَ ما يُرِيدُونَه مِنْ وُجُوْبِ الإسْرْاعِ بأخْذِ القَوْدِ مِنَ القَتَلَةِ حتى يُبَايِعَهُ أهْلُ


(١) «مِنْهَاجُ السُّنةِ» لابنِ تَيْمِيَّةَ (٦/ ٣٢٨ - ٣٣١).

<<  <   >  >>