للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سوَّيتك, فعدلتُك مشيت بين بُرديك, وللأرض منك وئيدٌ, فجمعت ومنعت, حتَّى إذا بلغت الحلقوم, قلت: أتصدَّق؛ وأنَّى أوان الصدقة» [قال محقق ابن كثير (٣١١٤): أخرجه ابن ماجه وأحمد وصحح البوصيري إسناده في الزوائد, وانظر «الصحيحة» (١٠٩٩)].

وأعلمنا سبحانه وتعالى أنَّه خلق لنا الأنعام, لمصالح كثيرةٍ حدَّثنا ربُّنا عنها {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَاكُلُونَ * وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ * وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ * وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: ٥ - ٨]. والأنعام هي الإبل والبقر والغنم, وقد جعل الله تعالى لنا فيها الدفء, فالبشر يصنعون من أصوافها وأوبارها وأشعارها ملابس يتجملون بها, ويصنعون ملابسهم التي تقيهم البرد, ويصنعون منها خيامهم التي تؤويهم في الحرِّ والقرِّ, وجعل لنا فيها منافع كثيرةً, وجعل لحمها طعاماً لنا, وجعل لنا فيها جمالاً حين نريح وحين نسرح, أي حين نرجع بها من المرعى عشياً, {وَحِينَ تَسْرَحُونَ} أي: غدوة حين نبعثها إلى المرعى, {وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ} والأثقال تتمثل بالأمتعة وأنواع البضائع والأثاث التي يرغب الناس بنقلها من مكانٍ إلى مكان, تحملها الإبل إلى بلادٍ بعيدة, لم نكن بالغيها إلا بشقِّ الأنفس, نسافر بها إلى الحجِّ والعمرة, أو ننتقل للتجارة أو الزيارة أو السياحة, وعقَّب ربُّنا - تبارك وتعالى - على ذلك

<<  <   >  >>