للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واللهوِ، واللعبِ، والحرصِ على المحرماتِ، وانقبضتْ أعِنَّةُ (١) رعوناتِها (٢)؛ فأحضَرَت المطيةُ حظَّها من الخوفِ والخشيةِ والحذرِ.

وإذا تجلَّى بصفاتِ الأمرِ والنهيِ والعهدِ والوصيةِ وإرسالِ الرسلِ وإنزالِ الكتبِ وشرعِ الشرائعِ، انبعثَ منها قوةُ الامتثالِ والتنفيذِ لأوامرِه، والتبليغِ لها، والتواصي بها، وذكرِها، وتذكُّرِها، والتَّصديقِ بالخبرِ، والامتثالِ للطلبِ، والاجتنابِ للنهيِ.

وإذا تجلَّى بصفاتِ السمعِ والبصرِ والعلمِ، انبعثتْ منَ العبدِ قوةُ الحياءِ؛ فيستحيِ من ربِّه أن يرَاهُ على ما يكرَهُ، أو يسمَعُ منه ما يكرَهُ، أو يخفِي في سريرَتِهِ ما يمقتُهُ عليه؛ فتبقى حركاتُه وأقوالُه وخواطرُه موزونةٌ بميزانِ الشرعِ، غيرَ مهملةٍ ولا مرسَلَةٍ تحتَ حكمِ الطبيعةِ والهوى.

وإذا تجلَّى بصفاتِ الكفايةِ والحسْبِ، والقيامِ بمصالحِ العبادِ، وسوقِ أرزاقِهم إليهم، ودفعِ المصائبِ عنهم، ونصرِه لأوليائِه، وحمايتِه لهم، ومعيَّتِه الخاصةِ لهم، انبعثَ من العبدِ قوةُ التوكلِ عليه، والتفويضُ إليه، والرضَا به وبكلِّ ما عَلِمَ العبدُ بكفايةِ اللهِ وحسنِ اختيارِه لعبدِه وثقتِه به ورضَاهُ بما يفعَلُهُ به ويختارُه له.

وإذا تجلَّى بصفاتِ العزِّ والكبرياءِ، أعطَتْ نفسُهُ المطمئنةُ ما وصلتْ إليه من الذلِّ لعظمتِه، والانكسارِ لعزَّتِه، والخضوعِ لكبريائِه، وخشوعِ القلبِ


(١) أعِنة: جمع (عِنان)، وهو سير اللجام الذي يمسك.
(٢) الرُّعُونة: الحمق والاسترخاء.

<<  <   >  >>