للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سبحانه: {وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ} (١). وقال عزَّ وجلَّ: {مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ} (٢). (٣)

وكذلك دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه إلى التحلي بهذه الفضيلة في دعوتهم فعن خبَّاب بن الأرتِّ - رضي الله عنه - قال: شكونا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو متوسِّدٌ بردة له في ظل الكعبة قلنا له: ألا تستنصر لنا ألا تدعو الله لنا قال:

«كان الرَّجل فيمن قبلكم يحفر له في الأرض فيجعل فيه فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيشقُّ باثنتين وما يصدُّه ذلك عن دينه ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظمٍ أو عصبٍ وما يصدُّه ذلك عن دينه والله ليتمَّنَّ هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله أو الذِّئب على غنمه ولكنَّكم تستعجلون» (٤).

قال بدر الدين العيني رحمه الله: «وحاصل المعنى: لا تستعجلوا فإن من كان قبلكم قاسوا ما ذكرنا فصبروا، وأخبرهم الشارع بذلك ليقوى صبرهم على الأذى» (٥).

وقال علي القاري رحمه الله: «وقوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث «ولكنَّكم تستعجلون» أي سيزول عذاب المشركين فاصبروا على أمر الدين كما صبر من سبقكم من المؤمنين على أشد من عذابكم لقوة اليقين» (٦).

وما من شك أن «الصبر من الصفات اللازمة لكل إنسان، إذ بدونه لا


(١) سورة النمل، الآية: ١٢٧.
(٢) سورة فصلت، الآية: ٤٣.
(٣) السيرة النبوية، د. علي محمد الصلابي، ١: ٢٧٦.
(٤) أخرجه البخاري، كتاب: المناقب، باب: علاما النبوة في الإسلام، رقم ٣٦١٢.
(٥) عمدة القاري شرح صحيح البخاري، بدر الدين العيني الحنفي، ١٦/ ١٤٥.
(٦) مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، علي بن سلطان محمد القاري، تحقيق جمال عيتاني ١٠/ ٣٥٣، ط / دار الكتب العلمية، بيروت: ١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م.

<<  <   >  >>