للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالدعاء أمرًا عامًا بقوله: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} (١). وبقوله: {فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَاسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (٢). إلا لأنه - صلى الله عليه وسلم - علم من الله أنه قد سبق من قدره وعلمه أن يجرى عليهم ما جرى من البلوى والمحن ليؤجروا عليها على ما جرت عادته في سائر أتباع الأنبياء من الصبر على الشدة في ذات الله، ثم يعقبهم بالنصر والتأييد، والظفر وجزيل الأجر، وأما غير الأنبياء عليهم السلام فواجب عليهم الدعاء عند كل نازلة تنزل بهم؛ لأنهم لا يعلمون الغيب فيها، والدعاء من أفضل العبادة ولا يخلو الداعي من إحدى الثلاث التي وعد النبي - صلى الله عليه وسلم - بها.

وفيه: علامات النبوة وذلك خروج ما قال - صلى الله عليه وسلم - من تمام الدين وانتشار الأمر وإنجاز الله ما وعد نبيه - صلى الله عليه وسلم - من ذلك» (٣).

وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: «حديث أبي عبد الله خباب بن الأرت - رضي الله عنه - يحكي ما وجده المسلمون من الأذية من كفار قريش في مكة فجاؤوا يشكون إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو متوسد بردةً له في ظل الكعبة فبين النبي - صلى الله عليه وسلم - أن من كان قبلنا ابتلي في دينه أعظم مما ابتلي به هؤلاء يحفر له حفرة ثم يلقى فيها ثم يؤتى بالمنشار على مفرق رأسه ويشق، وأيضًا يمشط بأمشاط الحديد ما بين جلده وعظمه وهذا تعزير عظيم وأذية عظيمة.

ثم أقسم - صلى الله عليه وسلم - أن الله سبحانه سيتم هذا الأمر يعني سيتم ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - من دعوة الإسلام حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت


(١) سورة غافر، الآية: ٦٠.
(٢) سورة الأنعام، الآية: ٤٣.
(٣) شرح صحيح البخاري، أبي الحسن علي بن خلف بن عبد الملك بن بطال البكري القرطبي، تحقيق: أبو تميم ياسر بن إبراهيم، ١٥/ ٣٢٤.

<<  <   >  >>