للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيه من الماء. قال «ائتني بهما». فأتاه بهما فأخذهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده وقال: «من يشتري هذين». قال رجل أنا آخذهما بدرهم. قال «من يزيد على درهم». مرتين أو ثلاثًا قال رجل أنا آخذهما بدرهمين. فأعطاهما إياه وأخذ الدرهمين وأعطاهما الأنصارى وقال «اشتر بأحدهما طعامًا فانبذه إلى أهلك واشتر بالآخر قدومًا فأتنى به». فأتاه به فشد فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عودًا بيده ثم قال له «اذهب فاحتطب وبع ولا أرينك خمسة عشر يومًا». فذهب الرجل يحتطب ويبيع فجاء وقد أصاب عشرة دراهم فاشترى ببعضها ثوبًا وببعضها طعامًا. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «هذا خير لك من أن تجيء المسألة نكتة في وجهك يوم القيامة إن المسألة لا تصلح إلا لثلاثة لذي فقر مدقع أو لذي غرم مفظع أو لذي دم موجع» (١).

قال الإمام ابن القيم رحمه الله: «لا تتم حقيقة التوحيد إلا بمباشرة الأسباب التي نصبها الله مقتضيات لمسبباتها قدراً وشرعاً، وأن تعطيلها يقدح في نفس التوكل، كما يقدح في الأمر والحكمة، ويضعفه من حيث يظن معطلها أن تركها أقوى في التوكيل، فإن تركها عجزًا ينافي التوكيل الذي حقيقته اعتماد القلب على الله في حصول ما ينفع العبد في دينه ودنياه، ودفع ما يضره في دينه ودنياه، ولا بد مع هذا الاعتماد على مباشرة الأسباب، وإلا كان معطلًا للحكمة والشرع، فلا يجعل العبد عجزه توكلًا، ولا توكله عجزًا» (٢).

وبين رحمه الله أقسام الناس في طلب الأسباب فقال: فإذا دعوته بالعافية فاستنقذ ما أعطاك من العتائد والأرزاق فإن وصلت بها وإلا فاطلب طلب من


(١) أخرجه أبو داود، كتاب: الزكاة، باب: ما تجوز فيه المسألة، رقم ١٦٤٣، وقال اللباني: ضعيف «ضعيف سنن أبي داود ٢٦٠».
(٢) زاد المعاد في هدي خير العباد، محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية ٤/ ١٤، ط/ ٢٧، مؤسسة الرسالة، بيروت: ١٤١٥ هـ - ١٩٩٤ م.

<<  <   >  >>