للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الموفقين. إن عوام الناس وجماهيرهم في عامة الأحايين لا وزن لهم، ولا تأثير حقيقياً في واقع الحياة وتاريخ الناس، بل يظلون في أماكنهم حيارى حتى يجئ القائد الممتاز فيوجههم هنا وهناك.

إن عبء الدعوة ثقيل، ومهمة هداية الناس عمل جليل، ومن ثم وجب أن يختار الدعاة من بين صفوف الأمة وفق معايير معينة، وألا يترك هذا الأمر للظروف تفرضه، مما يدفع بالعجزة والقاصرين والجاهلين إلى هذا المجال الحسَّاس فيكون الضرر لا النفع» (١).

والداعية له فضل كبير فهو من أحسن الناس قولًا، قال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (٢).

وعن الحسن البصري رحمه الله: «أنه تلا هذه الآية {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} فقال: هذا حبيب الله هذا ولي الله هذا صفوة الله هذا خيرة الله هذا أحب أهل الأرض إلى الله أجاب الله في دعوته، ودعا الناس إلى ما أجاب الله فيه من دعوته، وعمل صالحًا في إجابته، وقال إنني من المسلمين هذا خليفة الله» (٣).

قال الرازي رحمه الله: «قوله {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ} يدل على أن الدعوة إلى الله أحسن من كل ما سواها ... إذا عرفت هذا فنقول الدعوة إلى الله أحسن الأعمال بمقتضى هذه الآية» (٤).

وقال القاسمي رحمه الله: «أي: لا أحد أحسن مقالًا ممن دعا الناس إلى


(١) مع الله «دراسات في الدعوة والدعاة»، الشيخ محمد الغزالي ص ٧، ٩، ط/ ١، دار الدعوة، القاهرة: ١٩٨٣ م.
(٢) سورة فصلت، الآية: ٢٣.
(٣) تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، تحقيق: سامي بن محمد السلامة، ٤/ ١٢٢.
(٤) مفاتيح الغيب، فخر الدين الرازي، ٢٧/ ١٠٩.

<<  <   >  >>