للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المثل الأعلى قد أحاط بجميع خلقه، وعلم كيف هو، وما هو، من غير أن يكون في شيء من خلقه" (١).

٣ - صفة الرؤية، فإن الرؤية من الأمور الوجودية المحضة، فالرؤية في ذاتها وجود محض فلا تستلزم أمرا عدميا، وشروط صحتها أمور وجودية محضة، هي القيام بالنفس، وكون المرئي بجهة من الرائي، وقوة البصر. وآخر الشروط منتف الآن، ولهذا لا نراه في الدنيا، وإذا كانت الرؤية وجودا محضا من كل جهة فإن الله أحق بها من كل موجود، لكمال وجوده (٢).

وكذلك استدل علماء السلف بقياس الأولى على إمكان الرؤية دون إحاطة. روى ابن أبي حاتم وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما قوله: "إن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى ربه، فقال له رجل عند ذلك: أليس قال الله: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ}؟ [الأنعام: ١٠٣]، فقال له عكرمة: ألست ترى السماء؟ قال: بلى. قال: فكلها ترى؟ " (٣).

٤ - كمال العلم والإرادة، فإن الفعل المحكم المتقن يدل على علم فاعله وقدرته في الشاهد، فيكون دليلا عليها في الغائب من باب أولى، لكمال الإحكام والإتقان في المخلوقات (٤).

٥ - كمال الغنى، فإن كمال خلق الملائكة، واستغناءهم عن الأكل والشرب وأدواتهما يدل بطريق الأولى على كمال غنى الرب، واستغنائه عن ذلك، لأن كل كمال ثبت للمخلوق فالخالق أولى به،


(١) المرجع السابق.
(٢) انظر: نقض التأسيس ١/ ٣٥٧ - ٣٦١، درء التعارض ٧/ ٣٢٤.
(٣) الدر المنثور للسيوطي ٣/ ٣٧.
(٤) انظر: مختصر الصواعق المرسلة ص٣٠٢.

<<  <   >  >>