للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الواقعي في عصره، وقد يكون بالنظر إلى وجودهم التاريخي وأثرهم الفكري، والله أعلم.

وتعطيل الجهم وإن اعتمد في الظاهر على نصوص التنزيه إلا أنه فلسفي الجذور، أخذه عن الجعد بن أدهم، وأخذه الجعد عن فلاسفة حران، ولهذا ذكر ابن تيمية رحمه الله أن مقالته في التعطيل من جنس مقالة غلاة الفلاسفة، كالفارابي وابن سينا بخلاف مقتصدتهم، كأبي البركات وابن رشد الحفيد، فإن المشهور عنهم إثبات الأسماء الحسنى وأحكام الصفات (١).

[تعطيل المعتزلة]

المعتزلة هم أتباع واصل بن عطاء، وعمرو بن عبيد، حدثت بدعتهم أوائل القرن الثاني، وكان مبدأ أمرهم القول بالمنزلة بين المنزلتين، وهو قول مخترع انفردوا به عن سائر فرق الأمة، وأطلق عليهم بسببه لقب الاعتزال. يقول المقريزي: "لما بلغ الحسن البصري رحمه الله عن واصل القول بمنزلة بين المنزلتين قال: هؤلاء اعتزلوا، فسموا من حينئذ المعتزلة، وقيل: إن تسميتهم بذلك حدثت بعد الحسن، وذلك أن عمرو بن عبيد لما مات الحسن وجلس قتادة مجلسه اعتزله في نفر معه فسماهم قتادة المعتزلة" (٢).


(١) انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية ١٢/ ٢٠٢، ٢٠٥، ٢٠٦، ١٤/ ٣٤٩.
وانظر: الملل والنحل للشهرستاني ١/ ٨٦، البداية والنهاية لابن كثير ١٠/ ٢٧، شرح النونية لابن عيسى ١/ ٤٥ - ٥٨، ٢٥٠ - ٢٥٣، مقدمة ابن قاسم لنقض التأسيس ١/ ٩، ١٢.
(٢) الخطط ٢/ ٣٤٥، ٣٤٦ [بتصرف يسير]. وهذه الرواية وما في معناها مشهورة ومنطقية، ولكن للمستشرقين وأتباعهم اعتراضات وتخرصات تخالف المشهور. انظر: فجر الإسلام لأحمد أمين ص٢٨٨، المعتزلة وأصولهم الخمسة لعواد المعتق ص١٦ - ٢٢.

<<  <   >  >>