للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصفات حتى أنه اعتبرها مجرد وجود للذات، بناء على رأي الفلاسفة في اعتبار الذات واحدة لا كثرة فيها بوجه، والصفات عين الذات لا زائدة عليها، ولهذا أرجعوا صفاته لمعنى السلب أو الإضافة.

والمشهور عن المعتزلة أن الصفات غير الذات، ولهذا قالوا: هو عالم بذاته، قادر بذاته، حي بذاته، لا بعلم وقدرة وحياة، بخلاف أبي الهذيل فإنه قال: هو عالم بعلم وعلمه ذاته، قادر بقدرة وقدرته ذاته، حي بحياة وحياته ذاته. والفرق بين القولين أن الأول نفي للصفة، والثاني إثبات صفة هي بعينها الذات، ومحصلة القولين واحد، وهو إنكار أن تكون الصفات معان قائمة بالذات، لأن ذلك ينافي حقيقة التوحيد، إما من جهة التعدد على رأي أوائل المعتزلة، وإما من جهة التركيب على رأي أبي الهذيل ومن وافقه (١).

وبهذه الطريقة أدخل المعتزلة تعطيل الصفات في أكبر أصول مذهبهم حتى غدا التجهم سيماهم، وأصبح لقب الجهمية لا يكاد يقصد به سواهم، وما كتبه الإمام أحمد والإمام البخاري في الرد على الجهمية إنما كان موجها لهم بالقصد الأول (٢).

[تعطيل الكلابية]

وهم أتباع عبد الله بن سعيد بن كلاب، حدثت بدعتهم في


(١) انظر: الملل والنحل للشهرستاني ١/ ٤٤ - ٨٦، شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي ص٥٢٤ - ٥٢٧، مقدمة ابن خلدون ص٤٦٤.
(٢) انظر: عقائد السلف (المقدمة) ص٢٥، ٢٦، نقض التأسيس (المقدمة) ص١٢.

<<  <   >  >>