للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكمال دائر مع الإمكان وجودا وعدما، فالصفة المضافة للرب لابد أن تكون ممكنة الوجود لكي تكون كمالا، وإذا دلت على صفات متعدية فلابد أن يكون متعلقها ومقتضاها ممكن الوجود، لأن الممتنع لذاته لا حقيقة له، ولا يتصور وجوده، ولا يسمى شيئا باتفاق العقلاء، فلا يجوز أن يفترض أن فعله من الكمال، وذلك كافتراض أن يخلق البارئ مثل نفسه، أو يجعل الواحد بالعين متحركا ساكنا في لحظة واحدة. وبناء على ذلك فإن وجود الصفات الاختيارية على سبيل التعاقب لا ينافي كونها من الكمال كما توهمت الأشاعرة، لأنه إنما يمكن وجودها على هذه الصفة، لاستحالة مقارنتها للرب في الأزل! (١).

[ثانيا: ثبوت الكمال المطلق]

ثبوت المثل الأعلى يعني ثبوت الكمال المطلق لله تعالى، وهو عبارة عن جميع صفات الكمال الوجودية المحضة التي لا تستلزم نقصا ولا تشعر به بوجه من الوجوه. وثبوت هذه الصفات لله تعالى هو مقتضى الفطرة والعقل والنقل:

فالفطرة مجبولة على الإقرار بوجود الله وتوحيده، واعتقاد أنه أكمل الأشياء، لما تفرد به من صفات الكمال المطلق، وهي فطرة عامة يجدها كل إنسان في قرارة نفسه، ولا يتخلف مقتضاها إلا لمانع، كفساد التربية، واجتيال الشياطين، واتباع الهوى، ومكابرة الحق (٢).


(١) انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية ٦/ ٨٥، ٨٦، شرح الطحاوية لابن أبي العز الحنفي ص٨٤، وانظر أيضا: الأربعين للرازي ١٧١، ١٧٢.
(٢) انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية ٦/ ٧٢، ٧٣ الأدلة العقلية للعريفي ص٣٤٦.

<<  <   >  >>