للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جميع صفات النقص النسبي، وهي ما كانت نقصا في الخالق كمالا في المخلوق، كالأكل والشرب والصاحبة والولد وأدوات ذلك كله، وذلك لأن هذه الصفات وإن كانت كمالا في حق المخلوق إلا أنها نقص في الخالق، لدلالتها على الحدوث والعدم والافتقار وعلى وجود النظير المشارك في الكمالات والحقوق، وكل هذه المعاني تنافي ما تفرد به الرب في السماوات والأرض من المثل الأعلى والكمال المطلق المنزه عن جميع النقائص وعن وجود الأمثال والنظراء (١).

وقد نزه الله نفسه عن صفات النقص النسبي بأعيانها في نصوص كثيرة، كقوله تعالى: {وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ} [الأنعام: ١٤]، وهي قراءة سعيد بن جبير ومجاهد والأعمش، أي لا يأكل، لأنه لا يحتاج إلى ما يحتاجه المخلوق من الغذاء (٢)، وقوله: {اللَّهُ الصَّمَدُ} [الإخلاص: ٢]، وهو الذي لا جوف له ولا يأكل ولا يشرب (٣)، وقوله: {مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَاكُلَانِ الطَّعَامَ} [المائدة: ٧٥]، فأبطل دعوى ألوهيته بصفة الأكل، لأن الإله الحق منزه عن الأكل والشرب وآلاته وأسبابه (٤)، وقوله: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ} [الأنعام: ١٠١]، وقوله: {وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا} [الجن: ٣]،


(١) انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية ٦/ ٨٧.
(٢) انظر: تفسير القرطبي ٦/ ٣٩٧، تفسير ابن كثير ٢/ ١٢٥.
(٣) انظر: تفسير ابن كثير ٤/ ٥٧٠.
(٤) انظر: الرسالة التدمرية لابن تيمية ص١٤٣، ١٤٤.

<<  <   >  >>