للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجود المثل، ولهذا فسره ابن عباس رضي الله عنهما بقوله: ليس كمثله شيء (١).

وقد تضافرت النصوص في الدلالة على بطلان التمثيل وإنكاره وتحريمه قولا وعملا، قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: ١١]، وقال: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص: ٤]، وقال: {فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ} [النحل: ٧٤]، وقال: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: ٢٢]، وقال: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} [مريم: ٦٥]، أي مثلا وشبيها، كما أثر عن ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وقتادة وابن جريج وغيرهم (٢).

وكذلك العقل فإنه يدل على بطلان التمثيل واستحالته لأن الخالق والمخلوق لو تماثلا للزم اشتراكهما فيما يجب ويجوز ويمتنع، فيكون كل منهما واجبا ممكنا، قديما محدثا، غنيا فقيرا، وهو محال عقلا، لما يتضمنه من جمع بين النقيضين (٣).

والتنزيه عن المثل محقق لصفات الكمال مستلزم لثبوتها على أكمل وجه، لأن نفي المثل إذا ورد في سياق المدح والثناء اقتضى التفرد بكثرة أوصاف الكمال، يقال: فلان عديم المثل، أو لا مثل له، إذا كان له من صفات الكمال ما لم يشاركه غيره، فما ورد في


(١) انظر: تفسير الطبري ١١/ ٢١/٣٨، الدر المنثور للسيوطي ٤/ ١٢١.

وهذا التفسير المأثور عن ابن عباس أبلغ في التنزيه مما ذكره ابن الجوزي من النزاهة عن صفة الولد خاصة، معتمدا على سياق الآية وذلك لدلالة كلام ابن عباس على نفي الولد وسائر الأمثال المزعومة، لأن الولد من أفراد معنى المثل، لأنه يماثل أصله ولا يكون إلا بين أصلين متماثلين، ونفي الأعم يستلزم نفي الأخص. انظر: زاد المسير ٤/ ٤٥٩.
(٢) انظر: تفسير ابن كثير ٣/ ١٣١.
(٣) انظر: الرسالة التدمرية لابن تيمية ص١٤٤ - ١٤٧.

<<  <   >  >>