للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد رأى الزمخشري ومن وافقه أن لفظ المثل استعمل في هذه المعاني تدريجيا، ووفق مراحل زمنية محددة، فكان أولا بمعنى الشبيه، ثم أطلق على المثل المضروب، ثم استعير لكل صفة فيها غرابة المثل من غير اعتبار تشبيه، ولهذا اعتبروا المعنى الأول أصل اللفظ لغة، والثاني معناه في عرف اللغة، والثالث معناه في مجاز اللغة (١).

وهذا الرأي مبني على وجود مواضعة متقدمة على استعمال اللفظ، وهو أمر يعسر إثباته، ويستلزم أن تكون اللغات اصطلاحية، والحق أنها إلهامية، بمعنى أن الله تعالى ألهم الإنسان أن يعبر عما يتصوره ويريده من غير مواضعة متقدمة (٢).

[المراد بالمثل الأعلى]

اختلف العلماء في تفسير المثل الأعلى على أربعة أقوال:

الأول: أن المثل الأعلى بمعنى الصفة العليا، وهو قول ابن عباس رضي الله عنهما، وكثير من أئمة التفسير (٣). والمراد بالصفة الجنس فتعم جميع صفات الكمال (٤). والتفرد بصفات الكمال يستلزم بطلان التمثيل، ولهذا قال ابن القيم: "المثل الأعلى .... هو الكمال


(١) انظر: الكشاف ١/ ١٩٥، تفسير أبي السعود ١/ ١٦٠، روح المعاني للآلوسي ١/ ١٦٣، ٧/ ١٣/١٦٢، ١٦٣.
(٢) انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية ٧/ ٩٠ - ٩٧.
(٣) انظر: تفسير البغوي ٣/ ٧٣، ٤٨١، تفسير القرطبي ٩/ ٣٢٤، ١٠/ ١١٩، ١٤/ ٢٢، زاد المسير لابن الجوزي ٤/ ٤٥٩، ٦/ ٢٩٨.
(٤) انظر: تفسير ابن كثير ٢/ ٥٧٣، تفسير السعدي ٤/ ٢١٣.

<<  <   >  >>