للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ} [فصلت: ٢٢].

٣ - إنكار أعلى درجات العرفان والنعيم: فإن رؤية الرب عيانا وتكليمه أعلى درجات معرفته، وأعلى نعيم أهل الجنة، قال تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: ٢٢، ٢٣]، وروى الإمام البخاري بسنده عن جرير البجلي رضي الله عنه مرفوعا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنكم سترون ربكم عيانا» (١)، وروى الإمام مسلم بسنده عن صهيب الرومي رضي الله عنه مرفوعا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يقول الله تبارك وتعالى: تريدون شيئا أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار؟ قال: فيكشف الحجاب، فا أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل» (٢). وهذا كله محال عند المعطلة، لأن الله عندهم منزه عن الأبعاض، فلا وجه له، ولا يجوز النظر إليه ولا كلامه، لما يستلزمه ذلك من إثبات الجهة وحلول الحوادث بذات الرب المناقض لحقيقة الألوهية! (٣).

وهذه الجنايات المتعلقة بمعرفة الرب وعبادته تدل على قبح مقالة التعطيل، وأنها من شر مقالات أهل الأرض، وأكثرها مناقضة لموجبات المعرفة والعبادة. ومما يزيدها قبحا كثرة لوازمها الباطلة،


(١) صحيح البخاري بشرح فتح الباري: كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} ١٣/ ٤١٩.
(٢) صحيح مسلم برح النووي: كتاب الإيمان، باب إثبات رؤية المؤمنين ربهم في الآخرة ٣/ ١٧.
(٣) انظر: مدارج السالكين ٣/ ٢٤، ٣٤٩، ٣٥١، وانظر أيضا: الكشاف للزمخشري ٢/ ١١٢، ١١٣، شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار ص٢٤٨ - ٢٣٥، ٢٧٦.

<<  <   >  >>