للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً} [الفرقان: ٦٣]، هو إضافة إليهم (١) لأنهم عبدوه لا لعموم كونه عبّدهم بخلقه لهم فإن هذا يشركهم فيه جميع الناس وهو قد خصهم بقوله: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} [الحجر: ٤٢]، وقوله: {يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} [الإنسان: ٦]، ونحو ذلك. كذلك الناقة فيها اختصاص بكون الله جعلها آية ففيها معنى الإضافة إلى إلهيته، وأما قوله: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ} [العنكبوت: ٥٦]، وقوله: {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا} [النساء: ٩٧]، ففي الإضافة تخصيص للأرض التي هي باقية على ما خلقها الله تعالى فلم يستول عليها الكفار والفجار من عباده ومنعوا باستيلائهم عليها من عبادة الله عليها، ولهذا لم تدخل أرض الحرب في هذا العموم، وقد يقال الإضافة لعموم الخلق لأن الأرض واحدة لم تتعدد الأرض كما تعددت النوق والبيوت والعبيد.

وقوله: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: ٣٠]، تضاف إلى الله من الوجهين من جهة أن الله خلقها فتكون إضافة إلى جهة ربوبيته. ومن جهة أنه فطرها على الإسلام الذي هو عبادة الله فيكون في الإضافة معنى الإضافة إلى إلوهيته، وإذا كان كذلك فالصورة المخلوقة هي مشاركة لجميع الصور في كون الله خلقها من جميع الوجوه فما الموجب لتخصيصها بالإضافة إلى الله.

وأيضاً فسائر الأعضاء مشاركة للصورة التي هي الوجه في كون الله خلق ذلك جميعه فينبغي أن تضاف سائر الأعضاء إلى الله بهذا الاعتبار حتى يقال: يد الله ووجه الله وقدمه ونحو ذلك لكون أن الله خلقه.

الوجه الرابع: أن قوله: «إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه فإن الله خلق آدم على صورته» لو كانت الإضافة إضافة خلق وملك لوجب أن لا


(١) كذا في المخطوطة والصواب إليه.