للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فعله، وهو مبطل في ذلك، نعم لو قال نائب رسول الله أو خليفة رسول الله لكان هذا صحيحاً، ولهذا لما قالوا للصديق: يا خليفة الله قال: لست بخليفة الله ولكن خليفة رسول الله وحسبي ذلك. فلا يطلق على أحد أنه نائب عن الله ولا خليفة عنه أصلاً، بخلاف الرسول فإنه قد روي في وصف خلفاء الرسل أنهم الذين يحيون سنتهم ويعلمونها الناس، ولهذا تجب طاعتهم كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من أطاعني فقد أطاع الله ومن أطاع أميري فقد أطاعني ومن عصاني فقد عصى الله ومن عصى أميري فقد عصاني» وذلك لأنه صلى الله عليه وسلم لا يأمر إلا بما أمر الله به فالمطيع له مطيع لله، وكذلك أميره الذي يستخلفه على بعض أمته كأمراء السرايا الذي أوجب طاعته إنما أوجبها إذا كان يأمر بما أمر الرسول به كما قال صلى الله عليه وسلم: «إنما الطاعة في المعروف» وكما قال: «لا طاعة في معصية الله» فقوله: «من أطاع أميري» قد بين أن معناه طاعة الطاعة وهو ما كان من الأفعال التي يأمر الله ورسوله بها فيكون هذا الأمر منفذاً لذلك الأمر كما كان عمر بن عبد العزيز يقول: أيها الناس. لا كتاب بعد كتابكم ولا نبي بعد نبيكم، كتابكم آخر الكتب ونبيكم آخر الأنبياء وإنما أنا متبع ولست بمبتدع وإنما أنا منفذ ولست بقاض، فقد بيّن أن هذه الدعاوي في الخلافة عن الله ونحو ذلك إنما هي من دعاوي المتكبرين الجبارين المشركين الذين يريدون العلو في الأرض كفرعون وهؤلاء الاتحادية الموافقين لفرعون المدعين أنهم مضاهون لله تعالى وأنه يحتاج إلى عباده كما يحتاج عباده إليه، سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علواً كبيراً.

يبين هذا أن إيتاء الله للعبد الملك والسلطان والمال لا يقتضي أن ذلك إكرام منه له ومحبة، بل هو ابتلاء منه وفتنة له وامتحان. قال