للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على صورته» ليس فيه ذكر أحد يصلح عود الضمير إليه، وقوله في التأويل أراد صلى الله عليه وسلم أن الله خلق آدم على صورة هذا المضروب الذي أمر الضارب باجتناب وجهه بالضرب والذي قبح وجهه فزجر صلى الله عليه وسلم أن يقول ووجه من أشبه وجهك.

فيقال له لم يتقدم ذكر مضروب فيما رويته عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا في لفظه ذكر ذلك، بل قال: «إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه فإن الله خلق آدم على صورته» ولم يقل إذا قاتل أحدكم أحداً وإذا ضرب أحداً، والحديث الآخر ذكرته من رواية الليث بن سعد ولفظه «ولا يقل أحدكم قبح الله وجهك ووجهاً أشبه وجهك فإن الله خلق آدم على صورته» وليس في هذا ذكرٌ مرَّ حتى يصلح عود الضمير إليه.

فإن قيل قد يعود الضمير إلى ما دل عليه الكلام وإن لم يكن مذكوراً، قيل إنما يكون فيما لا لبس فيه حيث لم يتقدم ما يصلح لعود الضمير إليه إلا ما دل عليه الخطاب فيكون العلم بأنه لا بد للظاهر من مضمر يدل على ذلك، أما إذا تقدم اسم صريح قريب إلى الضمير فلا يصلح أن يترك عوده إليه ويعود إلى شيء متقدم لا ذكر له في الخطاب وهذا مما يعلم بالضرورة فساده في اللغات.

الرابع: أنه في مثل هذا لا يصلح إفراد الضمير فإن الله خلق آدم على صورة بنيه كلهم فتخصيص واحد لم يتقدم له ذكر بأن الله خلق آدم على صورته في غاية البعد لاسيما وقوله: وإذا قاتل أحدكم وإذا ضرب أحدكم عام في كل مضروب. والله خلق آدم على صورهم جميعهم فلا معنى لإفراد الضمير، وكذلك قوله: «لا يقولن أحدكم قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك» عام في كل مخاطب، والله قد خلقهم كلهم على صورة آدم.