للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أتدري ما الفتنة؟ الفتنة الشرك لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك ثم جعل يتلو هذه الآية {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [النساء: ٦٥]، وقال تعالى {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [القصص: ٥٠]، فأخبر تعالى عن الذين لم يستجيبوا للرسول صلى الله عليه وسلم بأن تركوا أمره وارتكبوا نهيه إنه إنما يحملهم على المخالفة اتباعهم لأهوائهم بغير دليل من كتاب الله تعالى ولا من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ثم حكم على من اتبع هواه بالضلال والظلم وحرمان الهداية فتضمنت الآية أبلغ التحذير من اتباع الهوى واستحباب العمى على الهدى، ومن مثل بلحيته مع العلم بتحريم ذلك فله نصيب من اتباع الهوى ومخالفة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم وقال الله تعالى {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الحشر: ٧].

قال المفسرون أي مهما أمركم به الرسول صلى الله عليه وسلم فامتثلوا أمره ومهما نهاكم عن شيء فاجتنبوه.

ومن المعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر أمته بإعفاء اللحى ومخالفة المشركين الذين يمثلون بلحاهم ويغيرون خلق الله، ومن مثل بلحيته بحلق أو نتف أو قص فهو عاص لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم شاء أم أبى لأنه لم يمتثل أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بإعفاء اللحية، ولم يجتنب نهيه عن مشابهة أعداء الله.

<<  <   >  >>