للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما الذي قيل فيه: كفر دون كفر، إذا حاكم إلى غير الله، مع اعتقاد أنه عاص وأن حكم الله هو الحق، فهذا الذي يصدر منه المرة ونحوها.

أما الذي جعل قوانين بترتيب وتخضيع فهو كفر وإن قالوا: أخطأنا وحكم الشرع أعدل.

ففرق بين المقرِّر والمثبت والمرجع، جعلوه هو المرجع. فهذا كفر ناقل عن الملَّة (تقرير)» (١).

وقال الشيخ صالح الفوزان يحفظه الله تعالى:

«وكما لا تجوز طاعة العلماء في تحليل الحرام وتحريم الحلال، فكذلك لا تجوز طاعة الأمراء والرؤساء في الحكم بين الناس بغير الشرعة الإسلامية، لأنه يجب التحاكم إلى كتاب الله وسنة رسوله في جميع المنازعات والخصومات وشؤون الحياة، لأن هذا هو مقتضى العبودية والتوحيد، لأن التشريع حق لله وحده، كما قال تعالى: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} [الشورى: ١٠]، أي: هو الحَكَم وله الحُكْم، وقال تعالى: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} [النساء: ٥٩].

فالتحاكم إلى شرع الله ليس لطلب العدل فقط، وإنما هو في الدرجة الأولى تعبُّد لله، وحق لله وحده، وعقيدة، فمن احتكم إلى غير شرع الله من سائر الأنظمة والقوانين البشرية، فقد اتخذ واضعي تلك القوانين والحاكمين بها شركاء لله في تشريعه، قال الله تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ} [الشورى: ٢١]، وقال تعالى: {وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} [الأنعام: ١٢١]» (٢).


(١) «مجموع رسائل وفتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم»: (١٢/ ٢٨٠).
(٢) «الإرشاد إلى تصحيح الاعتقاد»: (ص ٨٧، ٨٨).

<<  <   >  >>