للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثالث

الفرق بين الشفاعة المثبتة، والمنفية في القرآن العظيم

لقد أثبت القرآن الشفاعة في موضع، ونفاها في آخر، ليتجلَّى بذلك الإثبات والنفي: الفرق بين حقيقة التوحيد والشرك.

والشفاعة المثبتة هي شفاعة العبد، المملوك، المربوب، المأمور من قبل سيده أن يشفع فيمن حقَّقوا شروطها، واجتنبوا موانعها.

والشفاعة المنفية: هي شفاعة الشريك، والمعاون، والوزير .... لأن الله سبحانه واحد في صفاته، وأفعاله، وربوبيته، وألوهيته، لا سميَّ له، ولا ند، ولا نظير. ومن ثم كان أسعد الناس بالشفاعة: أهل التوحيد الخلص، الذين جرَّدوه من شوائب الشرك ومتعلَّقاته، وأما أهل الشرك والتنديد فليس لهم منها أدنى نصيب:

قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمهما الله تعالى:

«الشفاعة نوعان: شفاعة منفية في القرآن، وهي الشفاعة للكافر والمشرك. قال تعالى: {مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ} [البقرة: ٢٥٤]، وقال: {فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} [المدثر: ٣٨]، وقال: {وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ} [البقرة: ٤٨]، ونحو هذه الآيات كقوله: {وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [يونس: ١٨].

يخبر تعالى على أن من اتخذ هؤلاء شفعاء عند الله، أنه لا يعلم أنهم يشفعون له بذلك وما لا يعلمه لا وجود له، فنفى وقوع هذه الشفاعة، وأخبر

<<  <   >  >>