للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتجنَّب ما نهاه عنه، فهذا من المسلمين الموعودين بالجنة، في كل زمان وفي كل مكان.

وأما من كانت حاله حال أهل الجاهلية، لا يعرف التوحيد الذي بعث الله رسوله يدعو إليه، ولا الشرك الذي بعث الله رسوله ينهى عنه، ويقاتل عليه، فهذا لا يقال إنه مسلم لجهله، بل من كان ظاهر عمله الشرك بالله، فظاهره الكفر، فلا يستغفر له ولا يتصدَّق عنه، ونكل حاله إلى الله الذي يبلو السرائر، ويعلم ما تخفي الصدور.

(تكفير المعين: أي: الكفر المعذب عليه، لا يكون إلاَّ بعد إقامة الحجة)

ولا نقول: «فلان مات كافرًا، لأنا نفرق بين المعين وغيره، فلا نحكم على معين بكفر، لأنا لا نعلم حقيقة حاله وباطن أمره، بل نكل ذلك إلى الله، ولا نسب الأموات، بل نقول أفضوا إلى ما قدَّموا، وليس هذا من الدين الذي أمرنا الله به، بل الذي أمرنا به أن نعبد الله وحده ولا نشرك به، ونقاتل من أبى عن ذلك، بعد ما ندعوه إلى ما دعا إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإذا أصرَّ وعاند كفَّرناه، وقاتلناه» (١).

وقال الشيخان حسين وعبد الله ابنا محمد بن عبد الوهاب رحم الله الجميع، في الجواب على مسألة وردت عليهم، ضمن مسائل عدة:

(المسألة الثالثة عشرة): فيمن مات قبل هذه الدعوة، ولم يدرك الإسلام، وهذه الأفعال التي يفعلها الناس اليوم يفعلها، ولم تقم عليه الحجة ما الحكم فيه؟ وهل يلعن أو يسب أو يكف عنه؟ وهل يجوز لابنه الدعاء له؟ وما الفرق بين من لم يدرك هذه الدعوة، وبين من أدركها، ومات معاديًا لهذا الدين وأهله؟

الجواب: أن من مات من أهل الشرك، قبل بلوغ هذه الدعوة، فالذي يحكم عليه أنه إذا كان معروفًا بفعل الشرك، ويدين به، ومات على ذلك فهذا


(١) «الدرر السنية»: (١١/ ٧٥ - ٧٧).

<<  <   >  >>