للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال أيضًا رحمه الله مبيِّنًا الفرق بين أهل السنة والمعنزلة في صحة الإيمان المقلِّد:

«وفرض على كل أحد: معرفة التوحيد، وأركان الإسلام بالدليل.

ولا يجوز التقليد في ذلك، لكن العامي الذي لا يعرف الأدلة إذا كان يعتقد وحدانية الرب سبحانه، ورسالة محمد - صلى الله عليه وسلم -، ويؤمن بالبعث بعد الموت، وبالجنة والنار، وأن هذه الأمور الشركية التي تفعل عند هذه المشاهد، باطلة وضلال، فإذا كان يعتقد ذلك اعتقادًا جازمًا لا شك فيه، فهو مسلم وإن لم يترجم بالدليل، لأن عامة المسلمين ولو لقنوا الدليل، فإنهم لا يفهمون المعنى غالبًا.

ذكر النووي في شرح مسلم، في الكلام على حديث ضمام بن ثعلبة، قال: قال أبو عمرو بن الصلاح، فيه دلالة لما ذهب إليه أئمة العلماء، من أن العوام المقلدين مؤمنون، وأنه يكتفى منهم بمجرد اعتقاد الحق، جزمًا من غير شك وتزلزل، خلافًا لمن أنكر ذلك من المعتزلة، وذلك لأنه - صلى الله عليه وسلم - قرَّر ضمام (١)


(١) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك قال: «جاء رجل من أهل البداية فقال: يا محمد أتانا رسولك فزعم لنا أن الله أرسلك. قال صدق، قال: فمن خلق السماء قال: الله، قال فمن خلق الأرض؟ قال: الله. قال: فمن نصب هذه الجبال وجعل فيها ما جعل، قال: الله، قال: فبالذي خلق السماء وخلق الأرض ونصب هذه الجبال آلله أرسلك؟ قال: نعم، قال: وزعم رسولك أن علينا خمس صلوات في يومنا وليلتنا. قال: صدق، قال: فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم. قال: وزعم رسولك أن علينا زكاة في أموالنا، قال: صدق، قال: فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم، قال وزعم رسولك أن علينا صوم شهر رمضان في سنتنا، قال: صدق. قال: فبالذي أرسلك أمرك بهذا؟ قال: نعم، قال: وزعم رسولك أن علينا حج البيت من استطاع إليه سبيلاً، قال: صدق، قال: ثم ولَّى. قال: والذي بعثك بالحق لا أزيد عليهن ولا أنقص منهن.
قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لئن صدق ليدخلن الجنة».
قال الإمام النووي رحمه الله: «اعلم أن هذا الرجل الذي جاء من أهل البادية، اسمه: ضمام بن ثعلبة بكسر الضاد المعجمة، كذا جاء مسمَّى في رواية البخاري وغيره».
صحيح مسلم بشرح النووي: ١/ ١٦٩ - ١٧١، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان الطبعة الأولى ١٣٤٧ هـ - ١٩٢٩ م.

<<  <   >  >>