للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قول الحافظ إسماعيل بن عمر بن كثير

قال في تفسير سورة الحديد، وقوله - تعالى -: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [الحديد: ٤]؛ أي: رقيب عليكم، شهيد على أعمالكم؛ حيثُ كنتم، وأين كنتم من بر أو بحر، في ليل أو نهار، في البيوت أو في القفار، الجميع في علمه على السَّواء، وتحت بصره وسمعه، فيسمع كلامكم، ويرى مكانَكم، ويعلم سركم ونجواكم، وقال في تفسير سورة المجادلة: ثم قال تعالى مُخبرًا عن إحاطة علمه بخلقه، واطِّلاعه عليهم وسماعه كلامهم، ورُؤيته مكانَهم حيث كانوا وأين كانوا، فقال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ} [المجادلة: ٧]؛ أي: من سر ثلاثة {إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} [المجادلة: ٧]؛ أي: مُطَّلع عليهم، يسمع كلامهم وسِرَّهم ونجواهم، ورسله أيضًا مع ذلك تكتب ما يتناجون به مع علم الله به وسمعه له؛ ولهذا حكى غيرُ واحد الإجماعَ على أنَّ المرادَ بهذه الآية معيةُ علمه - تعالى - ولا شكَّ في إرادة ذلك، ولكن سمعه أيضًا مع علمه بهم وبصره نافذ فيهم، فهو - سبحانه وتعالى - مُطَّلع على خلقه لا يغيب عنه من أمورهم

<<  <   >  >>