للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والدليل، فإن كانوا أمروا بأن يعتقد هذا تقليدًا لهم، ولمن قال ذلك، فهذا باطل بإجماع المسلمين منهم ومن غيرهم، وهم يسلمون أنه لا يجب التقليد في مثل ذلك لغير الرسول، لا سيما وعندهم هذا القول لم يعلم بأدلة الكتاب والسنة والإجماع، وإنما علم بالأدلة العقلية، والعقليات لا يجب التقليد فيها بالإجماع (١)، وإن كان الأمر بهذا الاعتقاد لقيام الحجة عليه، فهم لم يذكروا حجة لا مجملة ولا مفصلة، ولا أحالوا عليها، بل هم يفرون من المناظرة والمحاجة بخطاب أو كتاب، فقد ثبت أن أمرهم لهذا الاعتقاد حرام باطل على التقديرين بإجماع المسلمين، وأن فعل ذلك من أفعال الأمة المضلين، وأنه أمر للناس (٢) أن يقولوا على الله ما لا يعلمون.

الوجه الخامس:

أن الناس تنازعوا في جواز التقليد في مسائل أصول الدين، لمن يجوز تقليده في الدين من أئمة المسلمين المتبعين فيما يقولونه لما ثبت عن المرسلين، كما يقلد مثل هؤلاء في فروع الدين.

فأما التقليد في الأمور التي يقولون: إنها عقليات وإنها معلومة بالعقل يحتاج فيها إلى تأويل السمع، وإنها من أصول الدين، فما نعلم أحدًا جوز التقليد في مثل ذلك، بل الناس فيها قسمان: منهم من ينكرها على أصحابها ويبين أنها جهليات لا عقليات، ومنهم من يقول بل


= انظر: "روضة الناظر، وجنة المناظر" لابن قدامة ص: ٢٠٥ - ٢٠٦.
و"الإحكام في أصول الأحكام" للآمدي ٤/ ٢٢١.
(١) التقليد الباطل المذموم الذي حرمه الله ورسوله واتفق المسلمون على تحريمه أشار إليه الشيخ -رحمه الله- في مجموع الفتاوى ١٩/ ٢٦٠ - ٢٦٢، ٢٠/ ١٥ - ١٨.
(٢) في الأصل، س: "الناس" والمثبت من ط، وهو ما يستقيم به الكلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>