للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الملائكة لا تعرج إلى الله، ولا تصعد إليه، ولا تنزل من عنده، وأن عيسى لم يرفع إليه ومحمد لم يعرج (١) به إليه، وأن العباد لا يتوجهون بقلوبهم إلى إله هناك يدعونه ويقصدونه، ولا يرفعون أيديهم من دعائهم إليه، فحينئذ ينكشف للناس حقيقة هذا الكلام، ويظهر الضوء من الظلام.

ومن المعلوم أن قائل ذلك لا يجترئ أن يقوله في ملأ من المؤمنين، وإنما يقوله بين إخوانه من المنافقين (٢)، الذين إذا اجتمعوا يتناجون، وإذا افترقوا يتهاجون، وهم وإن زعموا أنهم أهل المعرفة المحققين، فقد شابهوا من سبق من إخوانهم المنافقين، قال الله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ (١٣) وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ} (٣) إلى قوله: {وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} (٤)، وقال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ} (٥) إلى قوله: {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إلا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا}.


(١) الكلام عن الإسراء والمعراج وتعريفهما وحقيقتهما: تقدم الكلام عليهما ص: ١١٥.
(٢) المنافقون: جمع منافق، وفعله: نفاق.
والنفاق لغة: مصدر نفق، وهو مشتق من نافقاء اليربوع، موضع يرققه من جحره، فإذا أوذي من قبل القاصعاء وضرب النافقاء برأسه فخرج، فهو يظهر أحدهما ويخفي الآخر.
وعلى هذا عرف النفاق بأنه: إظهار الإيمان وكتمان الكفر، أو الدخول في الإِسلام من وجه، والخروج عنه من وجه آخر.
راجع: لسان العرب -لابن منظور- ١٠/ ٣٥٨، ٣٥٩ (نفق). وتاج العروس -للزبيدي- ٧/ ٧٩ (نفق). والتعريفات -للجرجاني- ص: ٢٤٥.
(٣) سورة البقرة، الآيات: ١٣ - ١٥.
(٤) في: س، ط: (ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالًا بعيدًا).
(٥) سورة النساء، الآيتان: ٦٠ - ٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>