للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك فيه (١)، كما يقال حد الغيرين (٢): ما جاز مفارقة أحدهما للآخر، كصفات الأجسام المخلوقة من أجزائها وأعراضها، فإنه يجوز أن يتفرق وينفصل (٣)، والله سبحانه منزه عن ذلك كله، مقدس عن النقائص والآفات.

وقد يراد بذلك ما يعلم منه شيء دون شيء، فيكون المعلوم ليس هو غير المعلوم، وإن كان لازمًا له لا يفارقه، والتغاير بهذا المعنى ثابت لكل موجود، فإن العبد قد يعلم وجود الحق، ثم يعلم أنَّه قادر ثم أنَّه عالم، ثم أنَّه سميع بصير، وكذلك رؤيته تعالى كالعلم به، فمن نفى عنه وعن صفاته التغاير والتبعيض بهذا المعنى فهو معطل جاحد للرب، فإن هذا التغاير لا ينتفي إلا عن المعدوم، وهذا قد بسطناه في كتاب بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية (٤) في الكلام على سورة الإخلاص وغير ذلك بسطًا بينًا، ومن علم ذلك زالت عنه الشبهات في هذا الباب، فقول (٥) السلف والأئمة: ما وصف الله من الله وصفاته منه وعلم الله من الله وله، ونحو ذلك مما استعملوا فيه (٦) لفظ من.

وإن قال قائل معناه (٧) التبعيض -فهو تبعيض بهذا الاعتبار، كما


(١) في الأصل: عنه. والمثبت من: س، ط.
(٢) في الأصل: الغبرين. وهو سهو من الناسخ. والمثبت من: س، ط.
وقد ذكر الشيخ اصطلاح السلف -رحمهم الله - والأشعرية ومن وافقتهم، والمعتزلة، والكرامية، وغيرهم في لفظ (الغير). في بيان تلبيس الجهمية ١/ ٥٠٨.
(٣) في ط: تتفرق وتنفصل.
(٤) ١/ ٤٦٠ فما بعدها وخاصة ص: ٤٦٥، ٤٧٤، ٤٧٥، ٥٠٨.
(٥) في الأصل: فنقول. وهو تصحيف. والمثبت من: س، ط.
(٦) في س: في.
(٧) في س، ط: معناها.

<<  <  ج: ص:  >  >>